في هذه اللحظات الحاسمة والتاريخية من المشهد العربي المتصدع، وفي ظل العولمة المعاصرة، والتغول الصهيوني والغربي، والتكالب على القصعة العربية والإسلامية، تبرز عدة دعوات قديمة تم تحديثها نحو التطبيع مع العدو الصهيوني والمحتل. وفي واقع عربي مضطرب ومنقسم، ويتعرض لاضطرابات كثيرة وممتدة مع خلافات عربية عميقة مؤسفة، أرى أن هذه الدعوات غبية وغير واقعية، وتفتقر إلى رؤية سياسية واضحة، إذ لا يمكن التطبيع مع عدو محتل لايزال يمارس سياسة القتل والعنف والإرهاب، وتهويد القدس العربية، والاستيطان، وعدم الاعتراف بحق العودة للفلسطينيين، ولا بأي حق فلسطيني مشروع مع مبادرات عربية للسلام يرفضها العدو، ويمارس بكل خبث ودهاء وعلانية مشاريعه المستمرة في الحصار والتهويد بمباركة غربية. ففي ظل هذه الظروف تبدو دعوة التطبيع مع الصهاينة غبية وغير منصفة لإخواننا الفلسطينيين، وإهدارا لعمر الجهاد والمقاومة العربية، بل تخدم مشاريع التوسع الصهيوني المحتل. والدعوة التي يمكن أن تكون واقعية ومنطقية وحرة نزيهة هي دعوة لتطبيع العلاقات بين الأقطار العربية التي أصبحت مقطعة ومنقطعة أومستمرة وهزيلة، ولا يمكن وصفها بأدنى أواصر الوحدة والاتحاد، كيف يدعو بعض السياسيين والكتاب العرب وللأسف بعض السعوديين إلى تطبيع مع العدو الصهيوني بينما علاقاتنا مع الصديق غير طبيعية، سيما مع اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدس عاصمة للدولة العبرية لا العربية؟! دعونا نتجه صوب تطبيع عربي ورؤية جديدة تأخذ في الاعتبار الأخطار الكبيرة التي تحيط بالعرب من كل جانب، فالحرائق في كل قطر عربي لاتزال مشتعلة ما بين حرائق داخلية وأخرى خارجية طائفية وغيرها، ومع ذلك هناك من يحاول دفع الجيوش العربية إلى حروب عبثية وصراعات دامية وتطرف مستمر. إن التطبيع بين الدول العربية هو أهم عمل يمكن إنجازه في المشهد العربي في الظرف الحالي الذي يتطور نحو مستقبل مخيف ومجهول.