زين العابدين الغامدي في ظل التطورات العالمية، وجمود المواقف السياسية تجاه القضايا العربية المختلفة، وفي خضم تعقّد المشهد العربي، وقلق السياسي العربي من تنامي حدة الانتقادات الشعبية الداخلية، والخوف من انقسامات وتقسيمات دولية لخارطة الوطن العربي، وظهور بوادر سايكس بيكو جديدة، مع تمدد الإرهاب، وتخلخل أركان الدولة العربية ونظامها الداخلي، يجد العرب أنفسهم في سباق مع الزمن، لا سيما مع التدخل الإيراني المستمر في الشؤون العربية الداخلية، وزرع بذور الفتن والقلاقل بشكل منظم ومستمر، ودعم الطائفية والجماعات المتطرفة. يعاود الساسة العرب -بقيادة السعودية- محاولة جمع الكلمة ورأب الصدع، وتكوين تحالفات قوية ومفيدة، ليست كالتحالفات السابقة مع الغرب، والتي كشفت أنها مجرد سرابات خادعة تدور مع الثروة العربية المعتمدة على النفط، دون التزام بعهود ومواثيق دولية مبرمة من عقود. وفي زحمة الصراع العربي الغربي غير المعلن، وتضارب المصالح، وتتابع الأزمات الاقتصادية، تجد إسرائيل نفسها في حالة هدوء وسلام، مستفيدة من انشغال العرب بثورات ما يسمى «الربيع العربي»، وتواصل من موقع القوة استغلال الضعف العربي، والضغط تجاه تكوين علاقات وتطبيع مع بعض الدول العربية، سيما التي كان من المستحيل أن تعقد أي علاقة سياسية أو اقتصادية أو غيرها مع العدو، مع تغير لهجة بعض وسائل الإعلام العربي، من وصف المحتل بالعدو ومحاباته بعبارات ألطف، وغزل عربي غبي يعترف بكيان صهيوني، رغم الجهد الكبير الذي يقوم على واقع الأرض الفلسطينية من تغيير ديموجرافي، وتوسع استيطاني معلن ومكشوف لتهويد القدس، وبمباركة أميركية معلنة. كل تداعيات المشهد العربي توحي بسياسة عربية جديدة متشددة تجاه الإرهاب، ومتساهلة مع إسرائيل، ومطمئنة للغرب، رغم رؤى التقسيم التي لم تعد سرا، فالواقع يشهد بشرق أوسط جديد، ومن هنا وجدت السعودية نفسها وحيدة في هذا الركام والغبار العربي والغربي، فبدأت باستنهاضٍ عربي جديد، بدأ بعاصفة الحزم وانتهى بعقد تحالفات جديدة، وحالة من النشاط السياسي المكثف الذي يتجّه شرقا ويخفف البوصلة غربا، مما أحدث نوعا من الإرباك لمشاريع التقسيم التي ترعاها الدول المتغولة المتمثلة في مثلث روسيا وأميركا وإيران. أتت القمة العربية في وقت دقيق حاسم وخطير جدا، وباعث للأمل رغم التشاؤم الكبيرالذي يحف المشهد العربي وتاريخه المعاصر. ومن عمق النفق العربي المسدود، ينتظر المواطن البسيط بفارغ الصبر إصلاحات داخلية حقيقية ولحمة وطنية، مع آمال بوحدة عربية جديدة وقوية، تلملم الشتات العربي، وتحطم مشاريع الأطماع العالمية، في وطن مثخن بالصراعات والانقسامات وويلات التصدع والاستلاب.