النصيحة فرض يجزى فيه من قام به، ويسقط عن الباقين، والنصيحة لازمة على قدر الطاقة إذا علم الناصح أنه يقبل نصحه ويطاع أمره، وأمن على نفسه المكروه، وأما إن خشي الأذى فهو في سعة منها. قال النووي، رحمه الله: النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذ خاطه، فشبهوا فعل الناصح فيما يتحراه من صلاح المنصوص له بما يسده من خلل الثوب، وقال الأصمعي: (النّاصحُ الخالِص من الغِلّ، وكلّ شيء خلُص فقد نصح). قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة. قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» رواه مسلم. نحتاج دوما إلى النصيحة الصالحة التي تحث على التقوى والاستقامة، وتقوم الطريق وتزيل الغشاوة وتبصر بالأخطاء وتوجه نحو الأمام. في كل فرد منا اختلافات عن الآخرين سلبيات وإيجابيات عيوب وميزات، ولا يوجد بيننا من يخلو من شائبة، فلا أحد كامل، فجميعنا نحتاج إلى النصيحة لمعرفة عيوبنا واجتنابها، والذهاب إلى الطريق الصحيح في حالة الانحدار منه إلى طريق آخر، وكذلك حُسن استقبالها من أخلاق الكبار وأصحاب النفوس الكبيرة، لأنهم وحدهم القادرون على أدائها، وكذلك حسن استقبالها دون تغير أو امتعاض. فالنصيحة من خصائص هذا الدين، وهي من دعائم استقامة الأمة واستقرارها، وعلامة من علامات النضوج الفكري لمن يمارسها وكذلك من يستقبلها.