وسط تحذيرات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من أن بلاده ستقوم بتدمير معاقل من وصفهم ب«الإرهابيين» في سورية والعراق، في إشارة إلى حزب العمال الكردستاني «بي كا كا»، تواصلت المواجهات بين الحزب والسلطات التركية بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار الهش أواخر صيف عام 2015، والذي تسبب في مقتل أكثر من 45 ألف شخص منذ عام 1984. وقال مراقبون إن الهجمات الانفصالية التي يشنها حزب العمال الكردستاني تمثل امتحانا عسيرا للحكومة التركية حاليا، مشيرين إلى أن دعوة الحكومة إلى التوغل في شمال العراق لرد اعتبارها قابلها الرفض الأميركي بحجة أن العراق يكفيه ما فيه من عدم استقرار. وأضاف المراقبون أن الحكومة التركية حاليا أمام خيار مؤلم وصعب، وأنها بحاجة اليوم إلى استراتيجية قوية وواقعية أكثر من مجرد قرار توغل يتخذ بلحظة غضب أثبتت تجارب السنين الماضية أن أضراره كانت أكثر بكثير من فوائده. تغيير الاستراتيجية كان الجيش التركي قد أعلن في وقت سابق، عن مقتل تسعة من أفراد الأمن التركي وستة مسلحين أكراد في اشتباكات خلال الساعات الماضية قرب الحدود بين شمال العراق وجنوب شرق تركيا. وشدد الرئيس إردوغان على أن بلاده ستقوم بتدمير قنديل وسنجار في حال لم تجد السلطات العراقية حلا للمشكلة، كما لم يستبعد إردوغان إمكانية توسيع عمليات الجيش التركي في سورية. وحسب المراقبين فقد أصبح الصراع الدائر بين تركيا وحزب العمال الكردستاني على وشك الدخول في مرحلة جديدة ستختلف في خصائصها الكمية والنوعية عن الصراع الذي كان دائرا في الفترة السابقة. وألمح المراقبون إلى الحل السلمي مكان الحسم العسكري، وقالوا «لم يعد هناك أي مجال أمام تركيا، فالتوتر بلغ ذروته، بينما الحرب على مدى ربع قرن أثبتت أن الحل العسكري يبدو أنه لن يفلح مع المنظمة الكردستانية، معتبرين أن ذلك سيكون سببا وجيها لتغيير الاستراتيجية التركية مستقبلا. التطورات الكردية على الصعيد العسكري - وفقا للمراقبين - فقد نقل حزب العمال الكردستاني عملياته إلى وسط وشمال تركيا بسبب الضغوط العسكرية التركية على قواعده شمال العراق، إضافة إلى التوتر الواضح بين بغداد وأربيل من جهة وأنقرة وأربيل من جهة أخرى. وعلى الصعيد السياسي أدت سياسة الترغيب والترهيب التي استخدمتها أنقرة إلى دفع تحالف أنقرة مع بغداد إلى التخلي عن التعاون مع الحزب، واللجوء إلى التعاون مع أنقرة لاستثمار الترغيب الذي قدمته تركيا إلى بغداد. وأضاف المراقبون أن التطورات الجديدة الجارية على مسرح الأزمة الكردية تزيد من غموض أهداف حزب العمال الكردستاني المعلنة وغير المعلنة من لجوئه إلى نقل عملياته إلى شمال ووسط تركيا والتي قوبلت بتعاون بغداد مع أنقرة، لاسيما بعد اتخاذ قوات حزب العمال الكردستاني مواقع لها في كردستان كمعسكرات، تنطلق منها لتنفيذ عمليات داخل تركيا، ومن ثم العودة إلى معسكرات في كردستان مرة أخرى.
الخيارات الصعبة - استمرار نزيف الحرب ضد الحزب - مواجهة الغضب الأميركي في العراق - توقع فشل الحل العسكري - الاضطرار إلى الحل السلمي - تغيير الاستراتيجية التركية مستقبلا