بعد رحلة دامت أكثر من 150 عامًا، تمكنت عازفة الكمنجة التركية أمينة بستانجي، من إعادة آلة كمنجة خرجت من القصور العثمانية إلى تركيا بعد أن وصل بها المطاف إلى كندا. وكانت بستانجي قد تعرفت قبل 4 سنوات، على أحد صناع الكمنجة، الذي أخبرها بوجود آلتي كمنجة أثريتين للبيع في كندا، من صنع الأرمني «بارون» قد صنعهما لجارية السلطان العثماني عبدالعزيز (1830 - 1876)، وقالت بستانجي: «تحمست كثيرًا عند سماعي بوجود كمنجة من صنع مواطن عثماني أرمني يدعى بارون، فامتلاكي لآلة كمنجة من صنعه كان بمثابة حلم بالنسبة لي». كمنجة القصور أوضحت بستانجي أن «آلة الكمنجة كانت بحوزة رجل عراقي اسمه فاروق فتاح، جاء إلى تركيا في ستينات القرن الماضي، واشترى الكثير من الآلات الموسيقية النادرة، حملها معه إلى كندا، وهو ابن رجل غني يعمل في تجارة النفط، واشترى آلة الكمنجة من السيدة فاخرة فرسان، وكانت طالبة عند جميل بيك الطنبوري». مضيفة أن «الكمنجة التي أملكها صنعت خصيصًا لجارية السلطان عبدالعزيز، أي أنها خرجت من القصور، وهي مكسية بعاج الفيل». ولذلك صممت على شراء الآلة الموسيقية، وكيف بدأت بتجميع النقود لدفع ثمنها دون أن تخبر أحدًا، قائلة: «في يوليو الماضي تمكنت من جمع النقود، وتواصلنا مع فتاح من أجل شراء الكمنجة، إلا أنه طلب ضعف السعر الذي كان يطلبه، وعبر وسيط تركي يعيش في كندا ويعرف فتاح عن قرب، تمكنت بنهاية المطاف من شراء الكمنجة». وأشارت إلى أنّ فتاح يمتلك تشكيلة واسعة من الآلات الموسيقية التي حملها معه في سيتينات القرن الماضي إلى كندا. صوت حزين ذكرت بستانجي أنّها كانت تخشى عدم وصول الكمنجة التي يبلغ عمرها 150 عامًا، لتركيا، بسبب أنها مكسية بعاج الفيل، الذي يحظر نقله في مطارات العالم، لكني نجحت بالنهاية في إعادتها إلى موطنها الأصلي. وقالت: «عندما أعزف على الكمنجة في البيت أشعر بسعادة كبيرة وفخر لامتلاكي هذه الآلة القيمة في هذه السن المبكرة. أنا ممتنة جدة لتعلمي على هذه الآلة التي تشكل انعكاسًا للثقافة والتراث الذي نشأت فيه على هذه الأرض، عندما نحترم تراثنا ونتبنى ثقافتنا، ونضيف عليها، عندها فقط بإمكاننا أن ننتقل إلى رقي فكري يليق بنا». يشار إلى أنّ آلة الكمنجة الخاصة بإسطنبول، ظهرت في القرن السادس الميلادي، زمن البيزنطيين، إلا أنها أخذت شكلها النهائي الحالي زمن الدولة العثمانية، ومع ظهور الكمان في القرن الرابع عشر، خفت صوت الكمنجة. ويتراوح طول آلة كمنجة إسطنبول بين 45-50 سنتيمترًا، ومعروفة بصوتها الحزين القريب من صوت الإنسان.