لا يخفى عشق الكمنجة عند عشاق الطرب .. وقد أضافوا لها ألقابا وأسماء عديدة. ومن ناحيته كان طه إبراهيم أحد من وقعوا في عشق آلة الكمنجة المليئة بالدفء، هو «مدرس» مخضرم إلى جانب علاقاته المتعدده بجوانب الإبداع المختلفة، فهو الخطاط والرسام والنحات والمغرم بالموسيقى منذ صغره وكان يسعى لتشكيل كل ما يقع بين يديه الصغيرتين كآلات موسيقية أثناء لعبه ونستطيع اعتبار هذا مقدمات عفوية مر بها طه مهدت له وأهلته ليحلم بتشيكل آلة حقيقية يوما ما تصدر الأنغام. سألنا ضيفنا حول هذا النوع من الجنون فقال: لا أعزف على الكمان إنما أجد دائما صورتها وصوتها الذي أعتبره إلهاما بالنسبة لي. عرف لنا علميا هذه الآلة؟ حجر الأساس الذي بدأ به العمل وأوحى لي بفكرة صناعة آلة الكمان كانت قطعة من خشب الأبنوس وجدتها ضمن خردوات معملي أو ورشتي، وبمخيلة الفنان رأيت هذه القطعة التي شدت إليها أنظاري وأصبحت كمنجة. لمعت الفكرة وتحمست للإكمال . كم هي مدة صناعة آلة الكمان هذه؟ استغرق العمل نحو أربعة أشهر لصقلها وتجهيز قطعة خشب الأبنوس التي أردتها «رقبة» للكمنجة ورقبة الآلة الوترية مثل الكمنجة أو العود في عرف صانعي الآلات الموسيقية هي الجزء الذي تقع عليه «ضغوطات» الأصابع لصنع النغمات فلابد أن تكون مصقولة تماما.. وهذا أمر مهم جدا يعرفه العازفون. وجسم الكمنجة يتميز بالرشاقة ويتكون من ست قطع وهو علميا صندوق الصوت الذي يكبر الصوت الصادر من احتكاك القوس بالأوتار، ويصدره مكبرا عاليا للأسماع. من أين جاءت المقاييس التي اعتمدتها؟ أخذت المقاسات الخارجية وطريقة رصف القوالب والدعامات الداخلية من نسخة عادية لكمنجة كانت معي واستفدت من خبراتي السابقة في فنون النحت وتطويع الخشب لأصنع بيدي إنحناءات الكمنجة وشكل الصندوق الخارجي ونحت أيضا القالب الذي يحوي مفاتيح الأوتار. فالحفر والنحت وصقل الخشب يحتاج إلى جهد كبير وإتقان وصبر شديد بمتوسط 4 ساعات يوميا لمدة سنة وشهرين تقريبا ثم جاءت مرحلة الدهان، الدهان وحده استغرق أكثر من شهرين وحتى الدهان جعلت له تظليلا جميلا يصنع أبعادا حسية يستشعرها الفنان الرسام والمتذوق البصري. ولونها «بني» أغمق من الكمنجات المعروفة التي تميل إلى الاحمرار. ثم قمت بتركيب مفاتيح جاهزة وأربعة أوتار إلى جانب «الفرسة»، التي تشد إليها الأوتار الأربعة على صدر صندوق الصوت إلى جانب «الكتف» الذي يكون تحت ذقن العازف حسب المسكة المعتمدة عالميا لآلة الكمنجة. هنا أصبحت الكمنجة النادرة جاهزه لتصوير الألحان وترجمة الأنغام بعد سنة وأربعة أشهر من العمل. في رأيك ما أهم الأسماء السعودية التي عزفت على هذه الآلة؟ كثيرون هم ولا زالوا يمارسون ذلك غازي باتبارة ومحمد الباروم وعبدالله حلمي وفي مناسبة ثقافية أقامتها جمعية الثقافة والفنون بجدة.. تعامل كثير من محبي هذه الآلة من الذين زارونا في المملكة منهم عضو فرقة بوستن الأمريكية «دونم ويكل» على مسرح الجمعية وتعبيرا عن إعجابه وقع العازف الإمريكي للفنان طه إبراهيم في السجل الذهبي الذي خصصه لذكريات هذه الكمنجة كذلك وقعت القنصل الثقافي الأمريكي للفنان طه إبراهيم على صفحات السجل الذهبي الذي خصصه لذكريات هذه الآلة.