حينما أصدر الملك عبدالعزيز عام 1351 والذي يوافق يوم 23 سبتمبر لكل عام، مرسوما تاريخيا بتوحيد سلطنة نجد ومملكة الحجاز في كيان واحد هو (المملكة العربية السعودية ) كان إيذانا لبدء نهضة كيان شامخ فرض نفسه على الساحة العربية والدولية بكل اقتدار، ويمثل هذا اليوم في تاريخ هذه البلاد الحدث الأبرز الذي توج حصاد سنوات من الكفاح لتوحيد هذه الأرض مترامية الأطراف، والذي تم بعد توفيق الله -عز وجل- ثم بإرادة وشجاعة رجال أفذاذ وتجربة عبقرية وإنجازات متواصلة أسهمت في تأسيس كيان شامخ قوامه العدل والإخاء والمساواة والتزام شريعة الله، والتمسك بسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام، وما الاحتفاء باليوم الوطني في المقام الأول إلا اعتراف بفضل الله -عز وجل- حين قيض لهذه الأرض الطيبة مجاهدا كبيرا وقائدا عظيما هو جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- الذي نجح في لمّ شتات قبائل متناثرة متناحرة تحت راية (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، واستطاع بفضل الله ثم برؤيته وبصيرته أن يخرج هذه البلاد من البؤس والفقر والتشتت إلى الأمن والأمان والطمأنينة، وأن يغرس روح الانتماء والولاء للوطن في نفوس المواطنين جميعا. كما نذكر بكل الإجلال والتقدير الدور المهم الذي قام به أبناؤه الميامين من بعده (الملك سعود، الملك فيصل، الملك خالد، الملك فهد، الملك عبدالله، رحمهم الله)، الذين أرسوا قواعد الحكم وبدؤوا مسيرة التنمية وأسهموا في وضع الوطن الغالي على أعتاب مرحلة التحديث وصولا إلى هذا العهد الزاهر وهو عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز (ملك الحزم والعزم)، الذي تتحدث أعماله عن نفسها، والذي حققت فيه البلاد مستويات قياسية من التقدم، وشملت الإنجازات جميع نواحي الحياة، وتبوأ الوطن بفضلها مكانة رفيعة حاز بها تقدير العالم واحترامه. وإنها لمناسبة عزيزة على كل مواطن أن يستذكر فيها جميع المنجزات التاريخية منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز سدة الحكم، وحصلت المملكة خلالها على مراكز مرموقة بين دول العالم نتيجة للمواقف المتزنة والحكيمة للمملكة تجاه مختلف القضايا الدولية، إذ تمكنت المملكة العربية السعودية من الإسهام -بشكل جلي- من معالجة الكثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، أبرزها وقوفه إلى جانب الأشقاء في دولة اليمن، عندما امتدت الأطماع الفارسية إلى قلب العاصمة صنعاء، فأبى المليك إلا أن يتصدى لجميع محاولات الاعتداء الآثم على الشرعية، وقاد تحالفا دوليا وشن حملة (عاصفة الحزم) لردع المعتدين، ووضع حدا لأطماعهم وظلمهم، وهو ما جعل أبناء الأمتين العربية والإسلامية يشعرون بالفخر والقوة في حالة نادرة قلما تحدث لشعورهم أن أمتهم تمتلك قوة رادعة، تدافع عن الحق بأيدي أبنائها البررة، وقد تميز عهد خادم الحرمين الشريفين تبعا لذلك بإطلاق أحد أكبر المبادرات الدولية والإسلامية في مكافحة آفة الإرهاب بتشكيل التحالف العربي الإسلامي لمحاربة هذه الآفة بقيادة المملكة، وإقامة مركز عمليات مشتركة في الرياض لتنسيق ودعم العمليات العسكرية لمكافحة الإرهاب، ولتطوير البرامج والآليات اللازمة لدحره، وإنجازات الملك سلمان بن عبدالعزيز لم تتوقف عند «عاصفة الحزم» ومكافحة الإرهاب، بل امتدت إلى كل الجوانب الحياتية وكافة القطاعات والمناطق في ربوع مملكتنا، محدثة تغييرات جذرية سيظهر أثرها إيجابيا على مستقبل الوطن والمواطن في قادم السنوات، إن شاء الله. وهذا يبرهن على أننا أمام قائد فذ، يتمتع بالحكمة والرأي الثاقب، وبُعد النظر وسعة الاطلاع، والتروي في قراءة المشهد قبل اتخاذ القرار المناسب، كما أنني أنتهز هذه المناسبة الكريمة لأشيد بنجاح خطة حج هذا العام والتي سارت في تناغم رائع بين كافة قطاعات الدولة رسم خادم الحرمين الشريفين، لوحة تميز موسم حج عام 1438، فكانت ألوانا زاهية متناسقة تربطها ملامح الإصرار، وعزائم الرجال، وقوة الإيمان بهدف موحد هو راحة ضيوف الرحمن وتسخير كل الإمكانات اللازمة ليؤدوا شعائرهم بيسر وسهولة وأمان. ورغم كيد الحاقدين فقد نجحت قيادتنا الحكيمة في توحيد قلوب وألسنة الحجيج التي جاءت ملبية وموحدة لله وحده، عز وجل، وألغت كل الشعارات السياسية والمذهبية والطائفية التي تقود إلى الغلو والترف والتناحر، وتمسك الجميع فقط بشعار (لا إله إلا الله محمد رسول الله). وختاما كان لا بد أن أشير إلى أننا مقبلون في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله- على نهضة غير مسبوقة ظهرت ملامحها مع تولي الملك سلمان الحكم، من خلال تفعيل دور الكفاءات الشابة للدفع قدما بتحقيق رؤية المملكة 2030، كما تتميز بديناميكية مستمرة من خلال حزم الأوامر الملكية التي تصدر بين الفينة والأخرى، وأصبحت نهجا ثابتا للعاهل السعودي منذ توليه الحكم.