اطلعت على مقالتي الأستاذ قينان الغامدي اللتين كتبهما بتاريخ 14 ذو الحجة العدد 6185 تحت عنوان «سر حملات المعلمين والمعلمات ضد الوزير العيسى من أعداء الصحوة»، وبتاريخ 16 ذو الحجة عدد 6187 تحت عنوان «المعلمون والمعلمات يحتاجون تدريبا وحزماً، لا خبرة ولا ثقافة ولا جدية». فالكاتب أحد رموز الصحافة، ويدرك دور الإعلام في تعزيز أو هدم البناء التعليمي، خاصة فيما يتعلق بسمعة وهيبة المعلم، ما يؤثر على ثقة المجتمع والطلاب به سلبا أو إيجابا، ويتضح جليّا أن آراء الكاتب في المقالين تجاه المعلمين «شخصية»، استنتجها ربما كما يبدو من مفردات المقالين العائمة من محيطه أو معارفه، دون أن يستند نقده لدراسات علمية أو تقارير وإحصائيات رسمية، مما أثار حفيظة المعلمين سلباً على التعليم ربما «سيهدمه». متسائلين: كيف سينظر المجتمع والطلاب لهم بعد تلك المفردات السلبية؟ متخوفين من تأثير ذلك سلباً على تقبل طلابهم منهم العلم أو المعرفة أو النصيحة مستقبلاً؟ ولي هنا وقفات على المقالين: - الكاتب ردّد نغمة «الإرهاب» في المدارس، متناسياً الجهود الكبيرة للدولة وللتعليم في محاربة الفكر المتطرف، بل كان المعلمون أبطال تلك الجهود من خلال أدوارهم في برامج فكرية توعوية نفذت بالمدارس، منها على سبيل المثال لا الحصر برنامجا «فطن، وحصانة»، وكل ذلك بدون أي مزايا وظيفية أو مالية. - وصف الكاتب امتداد ما سماها «المتاريس السرورية» بجهاز الوزارة والتعليم، فهذا كلام خطير وخط أحمر، لأنه يهم أمن الوطن، فالمعلمون أول من يطالب الجهات المختصة بالوقوف في وجه مثل هذه الأفكار، لإنقاذ الوطن بأكمله وليس التعليم. -«شخصن» الكاتب اعتراضات المعلمين على قرار حصة النشاط، ووصفها بأنها عداوات للوزير وحملات ضده، وغاب عنه أن الوزارة قبل أعوام اعتمدت مجالس ولقاءات تشاورية بين مسؤولي الوزارة ومعلميها، ومن هذا الباب قدم المعترضون آراءهم بعدم جاهزية بعض المدارس لهذه الأنشطة. لم يعلن الكاتب في مقالاته أي أرقام أو نسب مئوية في وصفه للمعلمين والمعلمات، فكرر كثيراً عبارات «غالبية، أكثرهم، أعرفهم، نسبة كبيرة، قلة قليلة، معظمهم..الخ» من المصطلحات العائمة، ووصف غالبية المعلمين ب «الكسالى، منتحلي الأعذار، الشكائين البكائين، ومتسيبين، وضعيفي الثقافة، وإنتاجهم قليل، وسبب في فشل التعليم». التساؤل، أن الكاتب صحفي من العيار الثقيل، ويعي أهمية الاستناد على دراسات أو تقارير رسمية متخصصة، فعلى ماذا استند في تشخيصه لواقع التعليم، والمعلمين؟ المعلمون يهمهم التطوير والتدريب، وهم مستفيدون، كونهما ينميان قدراتهم وتساعدهم في أعمالهم، فكيف لهم أن يحاربوا ذلك؟ بل إن بعضهم التحق بدورات مسائية، بدون أي مزايا، وآخرين درسوا طلابهم مناهج جديدة مطورة ك «العلوم والرياضيات» دون التحاقهم بدورات تدريبية، فعكفوا على تطوير أنفسهم. وأجزم أن المعلمين سيقبلون أي دورات تدريبية، ولا تكون امتيازاتها المحفزة للحضور بأكثر من امتيازات أي موظف بالدولة. - يقول الكاتب «إن المعلمين والمعلمات نقلوا لطلابهم الفكر المتطرف»، مما يعطي انطباعاً لدى المجتمع أن المدارس والطلاب في خطر. أخيراً.. أقول إن مجتمع المعلمين ليس ملائكيا و«الكمال لله»، لكنهم بنظري هم أكثر الموظفين انضباطا، فكم هناك من جهات خدمية يحتاجها الجميع لا تجد موظفيها، ولم تتمكن «البصمة» من ضبطهم بالرغم من رفع عدد تطبيقها ل5 مرات يومياً. فيما، خروج المعلم أو غيابه مكشوف ويؤثر على المدرسة لأن هناك حصصا وطلابا مرتبطين به، وقائد المدرسة وفريق العمل لن يتحملان أي خلل وسيحاسبان المقصر إن وجد. كما أن المعلمين أكثر الموظفين غربة ومعاناة، وتأخراً في الاستقرار، وشتاتاً في الأسرة، وتعرضاً للحوادث والوفيات، فمنهم من يسافر يوميا لمدرسته قاطعا طرقا وعرة، وأنفاقا متعددة، ولم يتباكوا أو يتشاكوا. وكذلك غالبية المعلمين والمعلمات يصرفون من جيوبهم، ويتحملون تكدس طلابهم بالفصول، ويحترقون من أجل تعليمهم، ويتعاملون مع جميع حالات الطلاب، وينفذون مهاماً متنوعة، كما لا يحظون بأي امتيازات كدورات خارجية أو تذاكر أو حضور لقاءات وندوات، أو صرف خارج دوام، أو انتدابات، ومع ذلك لم يتذمروا من فقد تلك الامتيازات. الأمل كبير بوزارة التعليم أن تسن قوانين لحماية كرامة وشرف مهنة التعليم، وأن تسارع في الرد على كل من ينال من التعليم وأعضائه.