بُني الحلم الأميركي على وعد الحراك الاجتماعي التصاعدي، وتحسنت معدلات هذا الحراك في منتصف القرن العشرين في جميع الفئات الاجتماعية الاقتصادية في أميركا. ولكن على مر الثلاثين عاما الماضية، شهدت معدلات الحراك حالة من الركود عند شريحة ضخمة من السكان، وبالنسبة لكثير فإن الحلم الأميركي توقف، بحسب ما ذكره بحث نشر على موقع brookings مؤخرا. استياء من الركود أشار البحث إلى أن استرجاع المستويات العالية من الحراك الاجتماعي، سيكون أحد أهم التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في زمننا هذا. وجاء فيه، لقد شهدنا بالفعل الاستياء من هذا الركود قد يتسبب في زعزعة منظماتنا الوطنية، وكذلك في انقسام مجتمعنا، وكلما تأخرنا في حل هذه المشكلة، كلما أصبحت سياستنا أكثر صعوبة. والقيام بمزيد من الاستثمارات الفعالة في الأطفال والشباب ستكون أفضل طريقة لتحسين الحراك الاجتماعي في جميع أرجاء الدولة، وأوضح البحث الآثار الإيجابية بعيدة المدى من تقديم مجموعة محددة من التدخلات المنسقة من «المهد وحتى الحياة المهنية»، إلا أن أميركا غير قادرة على توفير النوع المناسب من الخدمات لمن هم في حاجة إليها، على الرغم من وجود الأدلة القاطعة التي تشير إلى ذلك، وقد حان وقت العمل. لكن السؤال: من سيدير الجهود الرامية إلى توسيع الإستراتيجيات المثبتة؟ انخفاض الإنفاق ذكر البحث أنه خلال العقد الماضي، أصبح من الواضح أن المجتمع الأميركي لا يستطيع أن يعتمد على الحكومة الفيدرالية أو حكومات الولايات. لعدة أسباب: أحدها هو توجهات حالة الميزانية. على المستوى الفيدرالي، الوقائع الديموغرافية تعزز من الإنفاق على الأمن الاجتماعي والرعاية الطبية والصحية. وهذا يضع كثيرا من الضغوطات على مساهمات واشنطن في البرامج المخصصة للأطفال والشاب، والتي من المتوقع لها أن تنخفض خلال العقد القادم ب25% أو أكثر، كنسبة من إجمالي الناتج المحلي. كما قال يوجين ستيويرل في كتابة 2014 -Dead Men Ruling- فإن 2% فقط من الزيادة المتوقعة 1.5 تريليون دولار في الإنفاق الفيدرالي خلال العقد القادم ستكون من نصيب الأطفال. مطالب تدريبية أكثر أدركت المجتمعات أن التكوين الحالي من الاستثمارات في الشباب ليست كافية لمواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين. التكوين التكنولوجي والعالمي أصبح يطالب بمستويات عالية من تدريب المهارات أكثر من أي وقت مضى، وكثير من الفئات الديموغرافية النامية في أميركا تواجه أشد التحديات التعليمية والتنموية. بالنسبة للقادة المحليين، ضمان أن الأطفال قادرون على الحصول على الفرص المعنوية يعدّ أكثر من مجرد مسؤولية اجتماعية، فهو ضرورة اقتصادية لمجتمعاتنا. لهذا، تعمل المجتمعات على توسيع البرامج التي تتجاوز التكوينة التقليدية من الخدمات العامة المقدمة للشباب، فهي تقوم بالاستثمار في جهود معينة مثل برامج زيارة الممرضات وتعليم الطفولة المبكرة والمناهج الأكاديمية والاجتماعية المكملة، وبرامج ما بعد الدراسة، ومبادرات التعليم في الإجازات الصيفية. كما أنها تقوم بتكثيف التدخلات بما يتناسب مع الاحتياجات الخاصة، والتنسيق بين القطاعات، والأهم من ذلك، الاعتماد على مصادر إيرادات من أجل تمويل هذه الجهود. تعزيز استثمار الشباب هذه المنهجيات المعززة محليا للاستثمار في الشباب تعدّ جزءا من التوجه الوطني الأكبر حجما. فخلال العقد الماضي، نهضت المدن والمناطق الرئيسية الكبرى في طليعة حل المشكلات الوطنية في مختلف المناطق الأميركية. حلول لكثير من المشكلات الصعبة جميعها يجري معالجتها على الصعيد المحلي. في المجتمعات يقوم القادة في كل قطاع بالتجمع مع بعضهم بعضا لحل المشكلات المحلية على مستوى عال من التطور والتقدم الذي لم يكن متصورا قبل عدة عقود. مع انتشار هذا النمط من القيادة المحلية المكثفة والمكتفية ذاتيا، فإن هنالك ظهورا لحركة وطنية جديدة تعنى بالاهتمام بالناشئة. نموذجان لتجارب سعودية سعوديا وعلى المستوى المحلي، تقدمت المشهد في الأونة الأخيرة في المنهجيات المعززة للاستثمار في الناشئة، تجربتا «مسابقة أقرأ» التي تنظمها أرامكو منذ 4 سنوات، وتجارب الأطفال في «حكايا مسك»، كجزء من التوجه الوطني الأكبر حجما، لتعزيز ودعم الأطفال والناشئة، وإتاحة الفرصة لهم للمشاركة في فعاليات مهرجان «حكايا مسك»، إحدى مبادرات مؤسسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير دفاع المملكة العربية السعودية. «مسك الخيرية» التي أقيمت في العاصمة السعودية الرياض وعدة مدن سعودية أخرى، وتضمنت ورشة تدريبية في مختلف المجالات الإبداعية، منها السينما، والمسرح، والفنون، إلى جانب فعاليات المؤلف الصغير. وشهد المهرجان العرض الأول لفيلم الأنيميشن «بلال»، إلى جانب عرض عدد من الأفلام السعودية الحصرية، ضمن برامج مؤسسة الأمير محمد بن سلمان «مسك الخيرية» التي تستهدف استنهاض طاقات الشباب من الجنسين، ورعاية فنون صناعة القصة والسرد كتابة ورسما وتحريكا وإخراجا، وهي أكبر تجمّع للمبدعين الخليجيين في هذه المجالات، إذ يلتقون في «حكايا مسك» لتبادل الخبرات وتشارك العملية الإبداعية، خلال ورش العمل ومنصات الإلهام وعرض المنتجات والخدمات الإبداعية، وتتجول فعالية «حكايا مسك» بين مختلف مدن المملكة العربية السعودية، وتحتضن إبداع الشباب في الخليج، في مساحة مفتوحة تلتقي فيها الموهبة بالتجربة، والشغف بالحكايا.