ألقت الأزمة المالية بظلالها القاتمة على الأوضاع الاقتصادية في العراق، ومع تفشي ظاهرة الفساد وهدر المال العام تعيش شرائح اجتماعية تحت خط الفقر فضلا عن ارتفاع نسبة العاطلين عن العمل. ويرى الباحث زهير جمعة الخلاف، السياسي بين الأطراف المشاركة في الحكومة، أحد أبرز عوامل ترجع الاقتصاد العراقي «الخلافات تهدد أساس بقاء العراق كدولة، فهناك خلافات بين المركز وإقليم كردستان تتعلق بمسائل توزيع الثروة النفطية وتبعية المناطق المتنازع عليها والرواتب، وهناك مشكلة مع المناطق الغربية فيما يتعلق بصلاحيات مجالس المحافظات، والدعوات إلى منح المحافظات المزيد من الصلاحيات الإدارية»، مستبعدا حصول تقدم في النمو الاقتصادي، إن موازنة عام 2017 في العراق اعتمدت سعر 42 دولارا للبرميل لتغطية نفقات الموازنة العامة، إلا أن حلم سد العجز سيواجه بالعديد من المصاعب، فضلا عن الوضع الداخلي المعقد في العراق الذي يتمثل بالخلافات النفطية مع حكومة إقليم كردستان، ومطالبة المحافظات والأقاليم المنتجة بالحصول على دفعات البترودولار التي تقدرها المحافظات بخمسة دولارات للبرميل.
تراجع النمو أما الخبير الاقتصادي إبراهيم جاسم فأكد تراجع معدلات النمو خلال العام الحالي وما بعده. نمو العراق في الناتج المحلي الإجمالي للعام الحالي والمقبل قليل جدا وإن مستقبل الاقتصاد مخيف جدا، مبينا في ظل ارتفاع مستوى التضخم وإلزام الحكومة بتسديد ما بذمتها من ديون وبلغ 70% من بينما كان 57% في عام 2015، موضحا أهمية اعتماد خطة اقتصادية تلبي الحاجة إلى تحقيق النمو «بتنشيط الصناعة والزراعة والاستثمار المحلي، مع تقليل الامتيازات للموظفين رفيعي المستوى والدرجات الوظيفية العالية من أجل إيفاء الديون والتوجه إلى معالجة مشكلة الفقر في العراق». وكان البنك الدولي أكد أن معدلات النمو الاقتصادي في بلدان تشهد نزاعات مسلحة من بينها العراق تراجعت، فيما رجح بقاء الوضع الاقتصادي في العراق في وضع هش مع استمرار العنف والمعارك وتراجع أسعار النفط مقابل ارتفاع تكاليف الاحتياجات العسكرية والإنسانية. استشراء الفساد شكل الفساد المالي والإداري خلال السنوات الماضية عقبة أمام تشجيع الاستثمار في العراق، وفي هذا السياق قال رجل الأعمال خليل البغدادي: «يجب محاربة ظاهرة الفساد بكل أشكالها في إطار خطة إصلاح اقتصادي وحرب حقيقية على الفساد المالي والإداري لتشجيع القطاع الخاص على إعادة نشاطه»، موضحا أن اللجان الاقتصادية المشكلة داخل الأحزاب المتنفذة استحوذت على عقود تنفيذ المشاريع، فأدى ذلك إلى هجرة رأس المال إلى بعض دول الجوار».
معالجة المشكلة طرحت الحكومة العراقية أمام البرلمان مقترحات لمعالجة المشكلة الاقتصادية من أبرزها إعادة النظر برواتب موظفي الدولة والقطاع العام. وتشكيل لجنة عليا لإعادة النظر بأسعار الرسوم، ورفع رسوم السياحة الدينية وإلزام الملحقيات التجارية في الخارج باستيفاء رسوم التصديق على وثائق المعاملات، وإيقاف مخصصات الإيفادات 30% باستثناء الإيفادات التي تكون على نفقة الجهة المستضيفة. وإعادة النظر بملاكات التمثيل الدبلوماسي حسب أهمية البلد وتقليص أعداد العاملين في الرئاسات الثلاث، واستحصال الضرائب المترتبة على شركات النفط الأجنبية وزيادة بدلات إيجار أموال الدولة، واللجوء إلى بيعها وتحسين عملية المزايدات والاحتكام إلى أسعار الظل في التسعير، وفرض ضريبة مبيعات على خدمة الهاتف النقال والإنترنت وباتجاه تصاعدي. ومنذ طرح مقترحات الحكومة على البرلمان بعد التصويت على موازنة العام الحالي لم تتوصل الكتل النيابية إلى اتفاق لحل مشكلة الأزمة الاقتصادية، وانعكس ذلك في عجز الجهات الرسمية على توفير الخدمات الأساسية، إنشاء محطات كهرباء، وعمار المدن المحررة من سيطرة تنظيم داعش.