في الوقت الذي تستعد فيه الميليشيات الكردية المدعومة من قبل الولاياتالمتحدة لانطلاق معركة تحرير الرقة من قبضة داعش، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم، أن العملية العسكرية ضد عناصر تنظيم داعش في الرقة السورية بدأت قبل أيام، مشيرا إلى أن الولاياتالمتحدة الأميركية زودت أنقرة بالمعلومات اللازمة قبل بدء الحملة. وأضاف أن واشنطن أبلغت أنقرة بأن تعاونها مع القوات الكردية عبارة عن تكتيك عسكري لن يدوم طويلا وقدمت الضمانات اللازمة للحيلولة دون انتقال الأسلحة المقدمة لهم داخل الأراضي التركية. يأتي ذلك فيما حذر مراقبون من تزايد موجات النزوح بين المدنيين في وقت تشن فيه الميليشيات الكردية حملة تهجير للسكان المحليين في قرى الشمال السوري، والتي بلغت أعدادهم نحو 10 آلاف سوري خلال الشهر الماضي فقط. وكانت الأممالمتحدة قد أكدت في بيانها مؤخرا، أن عدد النازحين من قراهم شمالي سورية بلغ قرابة 200 ألف مدني، ولا تتوافر لغالبيتهم مخيمات نزوح من جهة، ولا يستطيعون العودة إلى مناطقهم من جهة أخرى، نظرا لكونهم يشكلون عقبة أمام تحرير الرقة من عناصر داعش. شرخ اجتماعي بحسب خبراء، فإن الأزمة الخانقة التي حلت بمدنيي العراق وسورية بسبب الحرب ضد داعش من جهة، وأطماع الميليشيات الإيرانية في بسط نفوذها من جهة أخرى، تنذر بحلول تمييز عرقي وطائفي يتشكل على أساسه إعادة رسم المناطق والمدن المحررة، وتقاسمها بين القوى الإقليمية والدولية، في وقت تسعى إيران إلى استغلال هذه الثغرة وتأمين طرق برية لمشروعها التوسعي بين العراق وسورية ولبنان. وترى تقارير أن مسألة التهجير السكاني المتعمد قد تنعكس آثاره حتى على الأجيال القادمة، حيث إنه سيزيد من الشرخ الطائفي في المنطقة، وسيزرع العداء بين العرقيات العربية والكردية والأقليات القومية الأخرى، فيما لا تعتمد القوى الفاعلة في هذه الأزمات على خطط مسبقة تضمن عدم المساس بهذه المبادئ بعد تحرير المناطق من قبضة التنظيمات المتطرفة. ويعاني مدنيو هذه المناطق من القصف الجوي الذي يستهدف المتطرفين المتمركزين في مدنهم وقراهم من جهة، واستخدام التنظيمات لهم كدروع بشرية، إلى جانب التهجير القسري الذي تفرضه الميليشيات الكردية أو تلك المحسوبة على إيران من جهة أخرى، فضلا عن عمليات التعذيب والاعتقالات التي تطال غالبيتهم بسبب الاشتباه بانتمائهم إلى التنظيمات المتشددة.
أزمة ما بعد التحرير يبحث العديد من المحللين عن مسألة الجهة التي ستكون مسؤولة عن مسك الأراضي المحررة من داعش، وإعادة الأمن إليها، إلى جانب البدء بإعادة إعمار ما تهدم منها، الأمر الذي زاد المطالب بضرورة توفير جهات محايدة تضمن عدم المساس بحقوق المدنيين العرقية أو الاجتماعية، ومنع انتهاكات الميليشيات، خاصة في ظل تمسك داعش بأراضيه وإبدائه مقاومة شرسة، إضافة إلى انتقامه عبر الهجمات المضادة في أكثر من دولة.