انضمت الحكومة التركية إلى موقف فصائل إسلامية معارضة باتهام المقاتلين الأكراد بممارسة «تطهير عرقي» ضد العرب السنة في شمال شرقي البلاد، في وقت شكلت خسارة تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) لمدينة تل ابيض أول من أمس ضربة للتنظيم، بالتزامن مع بدء «وحدات حماية الشعب» الكردي تسيير دوريات على الحدود السورية - التركية. وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن المقاتلين الأكراد يضطهدون المدنيين في شمال سورية ويرغمونهم على الفرار بنفس طريقة «داعش» وقوات الرئيس السوري بشار الأسد. وأضاف لهيئة الإذاعة والتلفزيون التركية أثناء رحلة إلى السعودية: «داعش يهاجم ويقتل من يعتقلهم. المقاتلون الأكراد سيطروا على بعض المناطق وأرغموا الناس الذين يعيشون هناك على النزوح». وتابع: «لا يهم من يأتي... النظام... داعش... وحدات حماية الشعب... كلهم يضطهدون المدنيين». وكان الناطق باسم الحكومة بولند ارينج قال في وقت متأخر مساء الاثنين إن «السكان في المناطق التي تتعرض للقصف، تخضع لتطهير اتني من قبل حزب الاتحاد الديموقراطي (أبرز حزب كردي في سورية) ووحدات حماية الشعب الكردي وكذلك من داعش». وأضاف كما نقلت عنه وكالة «الأناضول» أمس: «نلاحظ على الأرض محاولة جارية (من جانب الأكراد) لدفع الشعوب العربية والتركمانية إلى المنفى وتطهير (شمال سورية) عبر استبدالهم بعناصر أخرى»، ذلك بعد يوم من إعلان 11 من كبريات الفصائل الإسلامية موقفاً مشابهاً تضمن اتهام «وحدات حماية الشعب الكردي» بتهجير العرب السنة. وكانت المفوضية العليا للاجئين لدى الأممالمتحدة أعلنت أمس في جنيف أن 23 ألف لاجئ دخلوا إلى تركيا من سورية بين 3 و 15 الشهر الجاري. وقال الناطق باسم المفوضية وليام سبيندلر: «بحسب الأرقام التي زودتنا بها السلطات التركية هذا الصباح، فان 23 ألف لاجئ قادمين من سورية دخلوا إلى تركيا بين 3 و 15 حزيران (يونيو)». وكان أرينج قال أن أنقرة تخشى أن يحاول أكراد سورية إقامة منطقة حكم ذاتي على الأراضي السورية على طول الحدود التركية عبر توحيد الكانتونات الثلاثة القائمة، عين العرب (كوباني) والجزيرة وعفرين والتي لم يعترف بها نظام دمشق أبداً. وسيطر المقاتلون الأكراد فجر الثلثاء في شكل كامل على مدينة تل أبيض السورية على الحدود مع تركيا، بعد طرد آخر مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية منها، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان. وبدأ المقاتلون الأكراد والمسلحون السوريون تقدمهم باتجاه تل ابيض في 11 حزيران (يونيو) بدعم من التحالف الدولي- العربي الذي تقوده واشنطن ويشن غارات جوية تستهدف مواقع المتطرفين. وشوهد مقاتلون امس في دوريات في مدينة تل أبيض السورية غداة إعلانهم الاستيلاء على المدينة. وبسيطرة الأكراد على تل ابيض، يخسر «داعش» واحدة من ابرز طرق إمداده مع تركيا. ولم يعد يسيطر إلا على معبر جرابلس الحدودي مع تركيا في محافظة حلب (شمال)، وان كانت عمليات نقل الأسلحة والمقاتلين تتم عن طريق التهريب لا عن طريق المعابر المقفلة من الجانب التركي رسمياً. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن: «سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية ومقاتلو الفصائل على مدينة تل ابيض بالكامل، بعد طرد آخر عناصر تنظيم الدولة الإسلامية منها»، مضيفاً «منذ هذا الصباح لم تطلق رصاصة واحدة في تل ابيض». وأوضح القيادي الكردي أحمد سايكسو أن «مقاتلي التنظيم انسحبوا من دون قتال يذكر (...) كان انتصاراً سهلاً». ورفع المقاتلون الأكراد ومقاتلو المعارضة أعلامهم داخل المدينة. واعتبر المحلل ايمن جواد التميمي من «منتدى الشرق الأوسط للأبحاث» أن سقوط المدينة في أيدي الأكراد يعد «الخسارة الأكبر حتى الآن لتنظيم الدولة الإسلامية في سورية». وأوضح أن تل ابيض تعد «طريقاً رئيسياً لنقل المقاتلين والأسلحة والسلع من تركيا إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة التنظيم». وتشكل تل ابيض طريق إمداد رئيسي للتنظيم إلى مدينة الرقة الواقعة على بعد 86 كيلومتراً. ويسيطر التنظيم على كامل محافظة الرقة منذ حوالى سنة، لكنه خسر في الأشهر الأخيرة اكثر من خمسين قرية وبلدة في الريف الشمالي لصالح الأكراد. وقال عبد الرحمن إن هذه الخسارة تعد «الانهيار الأكبر للتنظيم منذ إعلانه دولة الخلافة في شهر حزيران 2014». وبحسب عبد الرحمن، «بات على الجهاديين في دير الزور (شرق) ومحافظة الرقة اجتياز مئات الكيلومترات للوصول إلى الحدود التركية عبر حلب»، بعد أن بات الأكراد يسيطرون «على شريط حدودي بطول 400 كيلومتر يمتد من ريف حلب الشمالي الشرقي (عين العرب) وصولاً إلى الحدود العراقية». واعتبر الباحث في شؤون الجهاد في مؤسسة كويليام في لندن تشارلي وينتر أن النجاح الكردي في تل ابيض «أكثر أهمية على المدى الطويل من كوباني»، المدينة الحدودية مع تركيا التي تمكن المقاتلون الأكراد من صد هجوم تنظيم «الدولة الإسلامية عليها بمؤازرة غارات التحالف الدولي في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي.