في الوقت الذي طالب فيه عدد من أولياء أمور نزيلات في إصلاحية «ذهبان» في مدينة جدة بتعيين محققات في هيئة التحقيق والادعاء العام، توكل إليهن قضايا النساء لكون المتهمات يفضلن الحديث والبوح عن بعض التفاصيل المتعلقة بجرائمهن إلى سيدات بدلا من الرجال، كشف مصدر مطلع ل«الوطن» أن عدد النزيلات في سجن جدة وصل إلى نحو 500 سجينة تتنوع جرائمهن بين أخلاقية وجنائية وحقوقية ولا يزال البعض منهن موقوفات في طور التحقيقات. قدرات ومؤهلات أوضح المحامي المستشار القانوني عبدالعزيز بن باتل أن المرأة دخلت المجال العدلي وذلك كفيل باعتماد تعيين النساء كمحققات جنائيات في هيئة التحقيق والادّعاء العام لأنه أمر بات ملحا اليوم، وذلك لما له من آثار اجتماعية بالغة الأهمية. وأضاف «النساء أثبتن قدرتهن الفائقة ودقتهن المنضبطة ومهنيتهن في مجال المحاماة والاستشارات القانونية، وكذلك فإن مهنة المحاماة لا تختلف عن عمل المدعي العام مكتبيا بدراسة أوراق الدعاوى وصياغة اللوائح عليها، ولا ميدانيا في المرافعة أمام المحاكم». وأكد بن باتل أن وجود المرأة كمحققة في هيئة التحقيق والادعاء العام كفيل بكشف غموض القضايا التي تتورط فيها النساء على وجه الخصوص، كما أن الأمر يسهل لشريحة كبيرة من المجتمع التقدم بلا أدنى حرج في الإبلاغ عن الجرائم كالعنف الأسري والاعتداءات التي قد يتعرض لها الطفل والمرأة على حد سواء. وأشار المستشار القانوني إلى بعض الأمثلة في الدول المجاورة، حيث كرمت مريم عبدالله الجابر رئيسة نيابة الأسرة بالنيابة العامة في دولة قطر، وذلك بعد فوزها بجائزة حامد العثمان لأعضاء النيابات العامة وهيئات التحقيق والادعاء العام لعام 2016، كذلك نجد أن كافة النيابات في الخليج ودول العالم تعمل بها المرأة كوكيلة للنيابة العامة أو محققة وليست فقط في وظيفة إدارية، وبعضهن تقلد مناصب قيادية برئاسة دوائر وفروع النيابات، ومنهن من تشغل درجة المحامي العام، ودرجة رئيس النيابة، ووكيل نيابة، مثل رئيس النيابة العامة بمحافظة المحرق بالبحرين موزة حسن النعار. لا وجود للتعارض أوضح بن باتل أنه لا يوجد في أنظمة ولوائح الخدمة المدنية ما ينافي عمل المرأة ضمن سلك التحقيق في هيئة التحقيق والادعاء العام، بل إن لائحة أعضاء الهيئة جاءت خالية من أي نص نظامي يشترط الذكورة في التقدم بطلب التعيين، حيث إن كافة الشروط المذكورة في المادة الأولى من لائحة أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام والعاملين فيها تنطبق على خريجات كليات الشريعة والقانون في المملكة. وقال إن الفقرة (و) من المادة الثالثة من نظام الهيئة ينص على أن من اختصاصات هيئة التحقيق والادعاء العام الرقابة والتفتيش على السجون، والقيام بالاستماع إلى شكاوى المسجونين والموقوفين، لذلك لابد من وجود محققة تقوم بهذا العمل في سجون النساء، مشيرا أن المرأة أثبتت ريادتها وتميزها في كافة الأعمال بصفة عامة والأعمال العدلية بصفة خاصة. واقع مفروض أوضحت المحامية غدير الغامدي ل«الوطن» أن دور المرأة في التحقيق وفي الادعاء العام أصبح واقعا مفروضا، وأسهم في حقيقة وجوده عنصر التدرج، حيث بات تواجد المحاميات ظاهرا في قاعات المحاكم أثناء مزاولتهن هذه المهنة بكافة متطلباتها. وقالت «من الصعوبات في التعامل أثناء مراجعة المحاميات لهيئة التحقيق والادعاء العام هو ما يقودنا للمطالبة بوجود طاقم أنثوي في كافة المجالات، فكما نعلم جميعنا أن الحقوق تثبت بالصفة لا بالجنس، وأن العنصر النسائي بصفته جزءا أصيلا من نسيج هذا المجتمع فهو مطالب بالتواجد في مثل هذه الجهات، لذا كان من الأصلح تمكينهن من التعاطي مع مثيلاتهن المحققات لتصبح آلية التحقيق وتوابعها أكثر سلاسة من تكليف المحقق بها». من جانبها، أوضحت المحامية رناد بنت ماجد مليسي أن وجود المحققات في هيئة التحقيق والادعاء العام يعد من الأمور الملحة، وذلك لأن المرأة وحدها أقدر على استيعاب سيكلوجيات المرأة وأعلم بتكوينها النفسي والجسدي وحاجاتها الطبيعية في كلتا الناحيتين، فكيف بمجتمع لا يزال يحفظ للمرأة خصوصيتها ويراعي خجلها الفطري فلا أحوج منه لسد وتكميل هذا النقص بتفعيل دور المرأة في جانب التحقيق والإجراءات الجزائية، وجميع ما تقتضيه الأنظمة الجزائية سواء كان ذلك في التحقيق أو الضبط أو المعاينة أو التفتيش.