بعد الحرب العالمية الثانية، عزم الألمان الذين بحوزتهم مقتنيات فنية كبيرة على البحث في هذه المقتنيات عن أي أثر احتمال بأنها سُرقت من آخرين في العهد النازي. لكن المشكلة حسب الكاتبة «CATHERINE HICKLEY» هي أن المجموعات الخاصة التي يملكها أفراد، لا تنطبق عليها عمليات البحث والتدقيق في مصادر الحصول عليها، وقد تكون مسروقة -بعلم مالكها أو دون علمه- فبعض هذه الأعمال «المسروقة» وغير مفحوصة المصدر، ما زالت معلقة في بيوت بعض الأسر ومكاتبهم، والقصص وراء الحصول عليها عادة ما تكون قصصا غامضة ومتناقضة، أو لم يتم حتى مناقشتها. لكن «CATHERINE» تشير في مقال لها بصحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، إلى أنه مع وفاة جيل من الألمان وتوريثهم هذه القطع الفنية للجيل التالي، تقدمت مجموعة من الأحفاد الذين يمتلكون أهم القطع الفنية، وصفتهم ب«ذوي ضمائر حية»، بالمضي في محاولات التحقق من شرعية ما يمتلكون من مقتنيات فنية. وأضافت «لأجل إقناع مزيد من جامعي القطع الفنية الألمان بالقيام بخطوات جادة في البحث عن مصادر تلك القطع، أعلنت الحكومة الألمانية أنها ستبدأ بدعم مثل هذه الجهود، وذلك باستخدام مال مأخوذ من صندوق وطني يحوي 3.4 ملايين يورو «حوالي 13.5 مليون ريال». مكافآت مغرية علّق رئيس قسم الأبحاث في مؤسسة «فنون ألمانيا المفقودة» أوفي هارتمان، على خطوة الحكومة الألمانية بالقول، «بهذا التمويل سنتمكن من دعم الأشخاص، وذلك بمساعدتهم على اكتشاف كيفية حصول أسرهم على هذه القطع الفنية». وتعمل مؤسسة فنون ألمانيا المفقودة على مراجعة طلبات التقديم من مالكي القطع الفنية، والذين يسعون إلى الحصول على المكافآت التي ربما تصل إلى حوالي 300 ألف يورو «1200000 ريال». وتؤكد تقارير مؤسسة «فنون ألمانيا المفقودة» أن هذه المكافآت ساعدت حتى الآن في البحث عن القطع المسروقة والموجود بعضها في المتاحف والمكتبات الألمانية. وقد قررت الحكومة الألمانية التوسع في قرار دعم البحث عن الفنون المفقودة، بعد أن اكتشفت عام 2013 أعمالا فنية نادرة في مدينة ميونيخ الألمانية، وفي منزل «كورنيليوس جورليت»، ابن أحد المتاجرين بالأعمال الفنية المنهوبة من الزعيم النازي «هتلر». الفن الملوث ورث جورليت القطع الفنية من أبيه الذي كان تاجرا للنازيين، إذ كان يشتري الأعمال التي استولت عليها الأسر اليهودية أو سرقتها، وأطلق على هذه القضية «قضية الفن الملوث» في المجموعات الخاصة، وتسببت في إثارة الشك في أن الآلاف من الأعمال الفنية المسروقة ربما تكون في المخازن والأقبية. فريق الحكومة الألمانية الذي يدرس القطع الفنية التابعة ل»جورليت»، تمكن من تحديد 5 قطع كانت مسروقة ومباعة، و153 قطعة أخرى مشكوك في أنها مسروقة. تصحيح الأخطاء قام بعض مالكي القطع الفنية بعد اكتشاف قضية «جورليت» بتعيين باحثين متخصصين لدراسة مجموعاتهم الفنية، وهو ما مكّن شركة تمتلكها عائلة «Dr. Oetker» الشهيرة في ألمانيا، والمتخصصة في صنع بعض الأطعمة والمخبوزات، من اكتشاف 4 لوحات فنية مسروقة من بين ممتلكاتها التي يبلغ عددها 200 لوحة. وكانت إحدى هذه الأعمال هي «The Portrait of AdriaenMoens» التي رسمها في 1628 الفنان «أنتوني فان دايك»، وتم تعليقها لعدة سنوات في ممر هادئ يؤدي إلى جناح الرئيس التنفيذي لشركة Dr. Oetker. وأعلنت الشركة هذا العام أنها ستقوم بإعادة اللوحة إلى ماري فون ساهير– الوريثة الوحيدة ل»جاك جودستيكر» وهو تاجر هولندي كان يملك اللوحة وهرب من النازيين في 1940. ولا شك أن تتبع المالك الأساسي هو جزء من عملية طويلة لمواجهة الجزء الأسود من تاريخ الشركة التي تمكن أحفاد مالك شركة Dr. Oetker، من بدء تصحيح هذا التاريخ بعد وفاته «حسب تعبير كاتبة المقال».