أوضحت مجلة «فورين بوليسي» الأميركية، أن ألمانيا باتت تخطط لتوسيع نفوذها العسكري في أوروبا، وذلك كرد على تصريحات الإدارة الأميركية المنتقدة لدول أوروبا حول تقاعسها إزاء تطوير قدراتها العسكرية. وأشار التقرير الذي أعده الباحث في المجلة روبي جرامر إلى أن خطط التطوير الألمانية ستشمل زيادة الجنود الرسميين إلى نحو 200 ألف خلال السنوات السبع المقبلة، وستركز مهامها نحو صد هجمات داعش، وتوفير الاستقرار في مالي، ودعم الحكومة الأفغانية، ومحاولة احتواء أزمات الشرق الأوسط التي نتج عنها تنامي عمليات تهريب البشر عبر سواحل المتوسط وارتفاع نسب المهاجرين داخل القارة العجوز، بالإضافة إلى دعم القوات الصديقة المتمركزة في منطقة البلطيق. العودة للأمجاد أكد التقرير أن خطط برلين تعتبر متذبذبة بعض الشيء، حيث إنها أعلنت مؤخرا أنها سترفع من عدد الجنود المحترفين من 178 ألف جندي إلى 198 ألف بحلول عام 2025، وهو الأمر الذي تناقض مع تصريحاتها السابقة التي أعلنت فيها رفع الجنود إلى 193 ألفا بحلول عام 2023، فيما أظهرت تقارير أخرى أنها ستزيد 5 آلاف جندي فقط على المدى البعيد. وتطرق التقرير إلى أن الثقافة الألمانية لا تزال تحن إلى امتلاك جيش قوي على المستوى العالمي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، حيث تراجعت هذه القوة منذ الحرب الباردة، بعد أن كان يمتلك الجيش الغربي الألماني قرابة نصف مليون جندي، وكان يعتبر النواة القوية في حلف شمال الأطلسي «ناتو» لصد هجمات الاتحاد السوفييتي، إلا أن قدراته تقلصت فور انتهاء الحرب الباردة لتتراجع إلى نحو 166500 جندي في عام 2015، وتجاهلت تطوير القوات المسلحة الحكومات المتعاقبة من ضمنها حكومة المستشارة الحالية إنجيلا ميركل. وأوضح التقرير أن ألمانيا الحالية باتت أشبه بشكل كبير باليابان، حيث إن رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، يحاول منذ فترة إقناع الرأي العام الياباني بتطوير قدراته العسكرية، فيما لم تتحرك ألمانيا في هذا الشأن إلا عندما أحست بالخطر القادم بعد أن اجتاحت روسياأوكرانيا وشبه جزيرة القرم في عام 2014، في وقت أظهرت فيه بعض الاستطلاعات الحديثة أن 56% من الألمان باتوا يؤيدون خطوات بلادهم في توسيع قوتها العسكرية. مراوغات ترمب أبان التقرير أن أكثر ما يخيف الأوساط الألمانية حيال إنشاء قوة ألمانية جديدة، هي التذبذبات التي يبديها الرئيس الأميركي ترمب ومسؤولو إدارته، حيث إنه تارة يبدي دعمه لحلف الناتو وتارة يهدد بسحب جميع أشكال الدعم في حال لم تلتزم الدول الأعضاء في الحلف بتقديم الدعم اللازم له. وأشار التقرير إلى أن الغضب الأميركي نابع من حقيقة أن 5 دول فقط من الدول الأعضاء في الناتو ملتزمون بتقديم 1.2 % من ميزانيات الدفاع الخاصة بهم لدعم الناتو، ويخططون لزيادة الدعم بقيمة 66 مليار دولار حتى تصل النسبة إلى 2%، وهي الولاياتالمتحدة، وبريطانيا وأستونيا، وبولندا، واليونان وألمانيا، فيما تتقاعس بقية الدول الأعضاء عن التزاماتها المالية. وشدد التقرير على أن تجاهل ترمب للناتو هز الحلف بأكمله وحلفاء أميركا بصفة عامة، ودفعهم لفرض سياسات ترويجية حول وجود استثمارات وهمية وفرص عمل جديدة، من أجل إقناع الإدارة الأميركية بتغيير أفكارها السلبية تجاه الحلف. وخلص التقرير إلى أن بعض المراقبين باتوا يرون مسألة تطوير ألمانيا للقدرات العسكرية، ستتمركز على 3 جهات، وهي صد التهديدات الروسية، ومحاربة تنظيم داعش، ومناكفة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في وقت تبقى فيه مسألة بطء خطط التطوير وعدم التفكير سريعا للقفز إلى خطوات جديدة في صلب الانتقادات الموجهة إليها.