أكد تحليل صادر عن موقع "فورين بوليسي إن فوكس" الأميركي المتخصص بشؤون العلاقات الخارجية الأميركية مع الدول، أن الحرب النووية العالمية تعتبر الأقرب في تاريخها في هذه السنوات أكثر من حقبة الحرب الباردة، والتي حذر منها وزير الدفاع الأميركي الأسبق وليام بيري، وعزز من تلك الشكوك صعود ترمب إلى الحكم، وصمم على تشكيل حكومته بتعيين جنرالات عسكرية في خطوة لم تعهد من قبل. وأكد التقرير الذي أعده الباحث السياسي "جوزيف جيرسون"، أن كلا من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، التزما بإنهاء -ما يسمى- بالنظام الديمقراطي الليبرالي الذي أنشئ بعد الحرب العالمية الثانية، وكالا المديح لبعضهما في المحافل، في وقت وجه فيه ترمب جام غضبه تجاه سياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تزامنا مع قرب الانتخابات في بلادها، وانتقد حلف شمال الأطلسي "الناتو" ووصفه ب"المتقادم". الشكوك السياسية أبان التقرير أن ترمب يسير في نفق مجهول المعالم، حيث إن أعضاء إدارته يخالفونه الرأي في العديد من السياسات المحلية والعالمية، كما أنه من الصعب توقع مستقبل العلاقات الروسية الأميركية في ظل وجود صقور الدفاع والخارجية المناهضين لسياسة الكرملين، ومتجهين صوب تعزيز حلف الناتو من أجل مقاومة التدخلات الروسية في الاتحاد الأوروبي. وأضاف التقرير "إن مرشح الخارجية في إدارة ترمب ريكس تيريلسون ألمح في بعض التصريحات إلى إمكانية التباحث في الحد من العقوبات المفروضة على روسيا، فيما يوجد من الشق الأيمن في الجمهوريين على غرار جون ماكين وماكس بووت، يؤيدون التحقيقات حول التدخلات الروسية في الانتخابات الأميركية الأخيرة، والتي وصفت بأنها أكثر تخريبا وفاعلية من قضية "ووتر جيت" الشهيرة. كما بات عدد من المراقبين يتساءلون حول الرجل الذي من الممكن أن يقود سياسة أميركا الخارجية والعسكرية، بسبب التحركات الارتجالية التي قادها ترمب في الأسابيع الماضية، حول التفاهمات مع روسيا لتخفيض الترسانات النووية، تمهيدا لإلغاء العقوبات المفروضة عليها، وفي الوقت نفسه قام بإنفاق تريليون دولار من أجل تطوير الثالوث الردعي النووي لبلاده، وإنفاق الجيش الأميركي أربعة أضعاف الرقم في أوروبا، من خلال بعثة عسكرية أميركية إلى بولندا ورومانيا. خطورة المشهد أوضح التقرير أن روسيا سعت لتعزيز مكانتها في العالم، خوفا من الانتهاكات التي طالتها على مر التاريخ من الدول الغربية، بدءا من نابليون وهتلر وانتهاء بالهيمنة الأميركية، الأمر الذي دفع بوتين للتحرك سريعا وإعادة الأمجاد السوفييتية، من خلال إنشاء تجارب دفاعية صاروخية، وتطوير الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية في ولاية كالينجراد بين بولندا وليتوانيا لمواجهة استفزازات الناتو، كما أن بلاده في طريقها للتدخل في الانتخابات الفرنسية والألمانية لثني ميركل عن الفوز، وتعزيز صعود زعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان. وحذر التقرير من أن هذا العصر يعتبر أخطر من حقبة الحرب الباردة، حيث إنه يتميز بصعود واختفاء قوى عالمية جديدة، في الشرق والغرب، وكل منهم يتنافس في تطوير قدراته العسكرية الردعية، وتطوير التكنولوجيات، في خطوة يصفها مراقبون بأنها "الفاشية الجديدة". وأكد التقرير أن النزاعات القومية والوطنيات المتصارعة، والتناكف حول الموارد الطبيعية وكسب الحلفاء والولاءات الخاصة، إلى جانب المنافسات الاقتصادية وصعود زعماء دول يتسمون بالشراسة والعنف، لن تختفي حتى لو ظهر شيء من التوافق بين هذه الدول، حيث إن كلًّا منهم يريد كسب الهيمنة على حساب الآخر ما أمكن. بوادر الانفراج قال التقرير إن الأزمة الأوكرانية أصبحت مترسبة في أذهان الروس، وكانت بمثابة ربيع روسي لبوتين، بعد أن كانت أوكرانيا أقرب إلى حلف الناتو والطموحات الغربية، وتم الإنفاق على كسب ولائها ملايين الدولارات من أجل تحييدها والتفاتها إلى الغرب، ونسيان الحقبة السوفييتية وحرق كل الجسور بينها وبين موسكو، إلا أن ذلك لا يزال يواجه تحديات بسبب أن الشرق الأوكراني مرتبط اقتصاديا بروسيا منذ عقود وعقائديا منذ قرون. وأشار التقرير إلى أن أزمة روسيا والغرب يجب أن تحل بالمفاوضات والاتصالات المباشرة، والتشارك في تخفيض ترسانة الأسلحة النووية، وإزالة الصواريخ الدفاعية، إضافة إلى التراجع عن التعزيزات الأميركية في بحر البلطيق، مؤكدا على ضرورة الالتفات إلى منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي تحتضن حوارات ونقاشات التعاون الأمني والمواضيع ذات العلاقة، لافتا إلى أنه في المدى البعيد يجب استبدال الناتو بهذه المنظمة، وإنهاء حقبة أسلحة الدمار الشامل، والتي ستنتج عنها إلغاء صفقة ترمب بقيمة تريليون دولار لتطوير الأسلحة النووية الأميركية، وسحب المشروع الأميركي في أوروبا، والترويج لمسألة الأمن الدفاعي المشترك في العلاقات الخارجية، حيث إن ذلك من شأنه أن يساعد في الانتصار وتجاوز التهديدات النووية، مثل ما تم في نهاية حقبة الحرب الباردة عام 1987، فيما سيتعين على ترمب التراجع في التصعيد مع الصين، وتهديد ملايين المهاجرين المسلمين بالطرد، قبل أن يتم تهديد الديمقراطية الأميركية نفسها.