في كل مناسبة يصطف فيها المجتمع السعودي متوحدا لأجل أمور تمس أمنه المعيشي، وعند استقواء صفوفه الحقوقية، سرعان ما يتم رمي قنابل اجتماعية وسط المجتمع لتقسيمه إلى الفريقين اللذين لا يخفيان عليكم، ولكل فريق جمهوره العريق بالتأكيد. ولكن الحزن كل الحزن على هذين الفريقين وعلى جمهورهيما اللذين ما زالا متحمسين أمام قضايا تافهة جدا لدى الشعوب الأخرى. والمضحك المبكي أن السينما مثلا أصبحت في بداية نهايتها كمكان، ونحن ما زلنا نملك حماسة غريبة تجاهها، سواء بالقبول أو الرفض، ولكي نحسم الجدل أمام جميع الأطراف وبالتكتيك السحري المعتاد علينا تغيير المسميات، علنا نرتاح من موسم اللطم السنوي المعتاد، ولربما أن المخرج ذكي جدا في توقيت رمي القنبلة إلا أني سأكون من أحد الفريقين، ولكن بفطنة قليلة أقترح فيها تغيير مسمى السينما إلى مهيلة رامبو أو مقهى إنجلينا أو “ورعان شو” (لرواد الأنيميشن)، وصدقوني سيكون الفريقان حاضرين ومتعصبين لنجومهما السينمائيين، كما هو حاصل الآن مع برامج التواصل الاجتماعي، فلكل نجم متابعون متعصبون، وبالمناسبة أليس التصوير محرما؟ ولماذا صار الآن حلالا؟ ببساطة لأن ما حرموه تغير اسمه، فأصبح سيلفي وسناب شات، أما التصوير فما زال محرما!. نعم أعزائي القراء إنها متلازمة تحريم الاسم لا المحتوى، فمثلا يظهر أحدهم أمام كاميرا ليحرم تصوير الفيديو في وقت يتم تصويره بالفيديو، ولكن الفرق أنهم لا يشعرون بما يحرمونه، لأنهم واقعون في أزمة تحريم المسمى لا المحتوى أو المعنى، فلماذا لا نجرب ذلك مع السينما؟ وكذلك مع الحفلات، فبدلا من حفلات محمد عبده نسميها شيلات محمد عبده، والفرقة الموسيقية نضعها خلف الستارة ونقول عنها أورج إسلامي وهكذا.. المسألة بسيطة، لكن في مجتمعنا متعنتون. متلازمة الاسم لا نشعر بها حقا، فعندما تشاهد فيلما في تلفاز صالة منزلك لا تأخذك عقدة الذنب لأنها ليست سينما ولكنها في الحقيقة تعتبر من ضمن (السينما المنزلية)! وبها يتفوق السعوديون كثيرا في عدد المشاهدة عالميا، والنكتة أن من يتبع هذه الطريقة من جمهور الفريقين، هي ليست سينما في عرفهم، إنه مجرد تلفاز أو لاب توب فقط، والمصيبة أنه ترتب على ذلك أننا حصدنا المراكز الأولى في عدد تحميل الأفلام الإباحية! ولكي تبكي أكثر أغلب من شارك في هذه الأرقام المخزية يرفض ويحرم السينما التي تقبع تحت مراقبة المحتوى بالكامل، والسبب يعود أيضا لمتلازمة تحريم الأسماء لا أكثر.