قدمت فرقة "الوطن" المسرحية السعودية، مساء أول من أمس، عرضها "تشابك" المشارك في مهرجان "الشارقة" للمسرح الخليجي، وسط إجماع من النقاد على أن العرض أعاد هيبة وحضور الممثل المسرحي، إلى جانب تميز العرض في جوانب فنية أخرى، حسب آرائهم. رؤية فلسفية حمل العرض الذي كتبه فهد الحارثي وأخرجه أحمد الأحمري، ومثل أدواره سامي الزهراني وعبدالرحمن المزيعل، رؤية فلسفية لحوار الشخص مع ذاته، ملتقطا كاتبه لحظة النقاش الداخلي للإنسان التي تزول بحضور موقف فاصل لهذا الحوار، وتناولها المخرج مبرزا حالة التشظي والانقسام والجدل كحدث على الخشبة يتجسد في دور ممثلين أتقنا وأقنعا جمهور المسرحية الذي كان يتفاعل معهما. التماهي والقدرة ما شاهدته في هذا العرض يعتبر طفرة في تطور المسرح السعودي، حيث كان الممثلان في أدائهما ممتعين من خلال التماهي بينهما، والقدرة على جذب الجمهور. الدكتور محمد سلمان تخمة مسرحية نحن أمام تخمة مسرحية وعمل متكامل على كافة المستويات يعيد للممثل اعتباره سيدا للخشبة، حيث استطاع المخرج أن يفجر طاقات الممثل على مستوى الأداء والغناء والرقص والتعبير الجسدي، وكذلك كتابة النص بأسلوب يخالف الطريقة الكلاسيكية، حيث يمكنك أن تستبدل أي مقطع في النص مع مقطع آخر دون أن يحدث أي ارتباك في النص، فهو ليس نصا خطيا أرسطيا لأنه يتماهى مع اللعبة، هذا النص "تراجيكوميدي"، حيث تحضر المأساة السوداء والكوميديا. الدكتور سعيد كريمي
ماكينات تمثيلية لن أتحدث عن الإخراج الواعي والتفكيري والإبداعي في هذا العرض، ولكني سأتحدث عن الممثلين اللذين كان إيقاعهما رائعا، وحملا العرض بكل اقتدار، حيث دهش الجمهور بأدائهما، وانشدوا لهذا العرض بقدرتهما على التلوين، فهما "ماكينات" تمثيلية متقنة لأدواتها، ومتابعتي الدقيقة لتفاصيل أدائهما الجسدي في كل عضو منهما، وكذلك الصندوق الذي وظف بشكل إبهاري ومتقن، ليس عيبا أن تكرر الفكرة، ولكن العيب أن تكرر استخدامها، وهو ما لم يحدث في هذا العرض الذي وفّق في توظيف فكرة الصندوق بشكل مختلف. غانم السليطي اشتغالات حركية شدني في هذا العرض اللعبة المسرحية التي تنتهي بفضاء اكتشافي جديد، فالعرض الذي لا ينتهي يفتح مجالات جميلة للتأويل، والمكان والزمان في هذه المسرحية هما الذات التي تطرح عدة تساؤلات فلسفية، حولها المخرج باقتدار إلى اشتغالات حركية من خلال الشخصيتين اللتين أذهلتاني؛ تمثيل عبدالرحمن المزيعل وسامي الزهراني بأدائهما وتجليهما، وكأنهما يشكلان اللعبة المسرحية المعروضة، وكذلك تعامل المخرج الأحمري مع النص، فقد أبرز لنا طاقتين إبداعيتين، هما الممثلان، فلا يمكن للمتلقي أن يقف أمام الكلمة الآسرة للنص، بل يقف أيضا أمام التحول الإبداعي للشخصية من موقف إلى آخر. والاشتغال على الفضاء الضيق من خلال الطاولة التي تتحول إلى مكتب وسيارة وباخرة وأستوديو أخبار وسجن، أعطتنا نموذجا للتعامل البسيط مع الأشياء، وإبراز أدق التفاصيل باختزال سينوجرافي جميل. يوسف الحمدان النفس اللوامة استمتعت بهذا العرض وكأني أشاهد نفسي من خلال النفس اللوامة التي تحاكيني وتعاتبني في كل حين، نحن أمام عرض فلسفي أجاد المخرج في توظيف الممثلين بالشكل الذي جعلنا لا نبتعد عن العرض، بل نتناغم معه دون انفصال. عبير الجندي