لم تكتف الميليشيات الحوثية بعملياتها الإرهابية الميدانية التي سفكت دماء المواطنين الأبرياء في مختلف المحافظات اليمنية، بل طال إرهابها وسائل الإعلام ودور النشر المختلفة، بهدف التغطية على الجرائم التي ترتكبها وتمارس من خلالها أبشع أنواع التضليل والخداع. وطالت يد الإرهاب الحوثية الصحفيين والعاملين في مجالات الإعلام المختلفة. وأكدت مسؤولة الإعلام في التحالف اليمني لرصد انتهاكات حقوق الإنسان، بشرى العامري، في تصريح إلى "الوطن"، أن العصابات الحوثية قامت بالاعتداء على الإعلاميات اللاتي لا يخضعن لسياسات التضليل التي تمارسها، فيما تعددت مظاهر التجاوزات بحقهن بين تكسير المعدات الصحفية، وإتلاف الأجهزة المحمولة، والرصد والتعقب، فضلا عن الضرب المبرح والمنع من مزاولة المهنة. تكميم الأفواه استشهدت العامري بالإعلامية بشرى ناصر، التي تعرضت لاعتداء أمام منزلها، أدى إلى بتر إحدى ساقيها، بسبب إطلاق النار عليها، بتهمة العمل الصحفي، فضلا عن عشرات الصحفيات الأخريات اللاتي غادرن البلاد تخوفا من الاعتداءات المتكررة عليهن. وأوضحت العامري أن الانتهاكات الصادرة عن الانقلابيين تتشابه، سواء من الحركة الحوثية أو من أتباع الرئيس المخلوع علي صالح، حيث يلجأ الأخير إلى إصدار بيانات تقدح في أعراض الإعلاميات والصحفيات ويعممها على الجميع، من أجل التشهير بهن، فيما يمارس الحوثي سياسات شبيهة معهن مثل التهديد بالسلاح والقتل، والحرمان من المرتبات الوظيفية، واستبدال الوجوه القديمة بأخرى موالية وتابعة له. مصادرة المعلومة أبانت العامري أن الميليشيات تسببت بطردها من عملها والاعتداء عليها أكثر من مرة، وتم أخذ درجتها الوظيفية ومنحها لإحدى التابعات لها، مؤكدة أنها تتعرض لملاحقات وتتلقى رسائل تهديد في وسائل التواصل الاجتماعي بإغلاق الصحيفة، وإطلاق النار في بعض المرات. وأضافت العامري "الإعلامية اليمنية ناضلت لمدة سنوات من أجل إيجاد موطئ قدم لها في الوسط الإعلامي، وتحملت الانتهاكات التي طالتها في مرات كثيرة، في وقت يجرم فيه مجتمعها المساس والاعتداء على النساء"، مبينة أن الإعلاميات اللاتي كشفن إرهاب الميليشيات هن أكثر الفئات تضررا وانتهاكا للحريات، مثل مداهمة منازلهن والسطو عليها، واتهامهن بالدعشنة والتطرف. تجنيد الأطفال ألمحت العامري إلى أن الحوثي يجند الفتيان لمراقبة سير عمل الصحفيات، مستشهدة بما وقع مع الإعلامية ابتهال المخلافي، التي تعمل بقناة تعليمية ونائبة لمدير البرامج، حيث فرضت عليها الميليشيات حراسات مشددة من قبل أطفال مجندين يحملون أسلحة ويرغمونها على التفتيش قبل دخول مقرها وقبل الخروج. وأشارت العامري إلى أن التهديدات والتجاوزات دفعت بعض الإعلاميات للصمت خشية أن يطال بطش الإرهابيين عائلاتهن وأقاربهن، في وقت تعتبر فيه تلك الميليشيات الجاهلة أن صوت الإعلامية عورة، ويتوعدون كل إعلامية يوجد بحوزتها آلة تصوير خوفا من نشر جرائمهم. الفصل والتعذيب أبانت العامري أن نقابة الصحفيين وشبكة "إعلاميون من أجل مناصرة قضايا المرأة"، رصدت عددا من الانتهاكات التي طالت الصحفيات خلال الفترة من يناير 2015 إلى يونيو 2016، وتم توثيق 11 حالة انتهاك فردية، بينها 3 حالات قتل واغتيال وتفجير منازل، وحالتا احتجاز، وحالة تهديد وسباب وقذف، كما رصدت الإحصاءات فصل 25 موظفة صحفية في وكالة "سبأ"، واستبدالهن بمواليات للميليشيات، فيما تعرضت الصحفية سامية الأغبري للسب والتجريح، بالإضافة إلى تعرض المصورة الصحفية، مهلة القدسي، للركل والضرب، إلى جانب مراسلة قناة بلقيس ونيسة العلواني، ومحاولة اغتيال وتفجير منزل الإعلامية ذكرى العراسي، التي قذفت مبعوث الانقلاب بالحذاء في جنيف. غياب الرأي الحر قال نائب وزير حقوق الإنسان، ماجد فضائل، إن الاعتداء على الإعلاميات اليمنيات يمثل تهديدا للعمل الصحفي، في وقت أصبحت فيه حرية الرأي والصحافة في اليمن شبه مغيبة في ظل بلطجة ميليشيات الحوثي وصالح، مخالفة بذلك كل عادات وأعراف الشعب اليمني. وأشار فضائل إلى أن الانتهاكات بحق الإعلاميات تنوعت بين التشويه، والتخويف والتهديد بالقتل، والخطف، والاعتداء، والإقصاء، والفصل التعسفي، وإجبار البعض على البقاء في المنازل، وتحريض المجتمع ضد الإعلاميات، وشراء الولاءات بالترهيب والترغيب، في وقت ما زال عدد كبير من الإعلاميات المستقلات يناضلن ضد كل أساليب التخويف والإذلال، والبعض منهن أرغمن على الهجرة إلى بلدان مجاورة.