أبدى متابعون للشأن العقاري في الأحساء استيائهم الشديد إزاء ما أسموه ب"فوضى المضاربين العقاريين"، المتورطين في تشكيل تكتلات وبث رسائل من أجل شراء أراض بأسعار زهيدة، وجمعها، ومن ثم إعادة طرحها في السوق مرة أخرى بأسعار باهظة جدا، والترويج لها عبر وسائل التواصل الاجتماعي وأجهزة الاتصالات الحديثة بشعارات وعبارات "رنانة"، موضحين ل "الوطن"، أن تلك الفوضى أسهمت في تراجع إجمالي الصفقات العقارية "السكنية" بنسبة 51% خلال ربيع الأول الماضي، مقارنة بصفر السابق، وذلك بسب إحجام الكثير من المتعاملين في السوق عن الشراء، وبالأخص الراغبين في شراء أراض لبناء منازل خاصة بهم.وبلغ إجمالي قيمة الصفقات في ربيع الأول 283.9 مليون ريال، فيما بلغ إجمالي الصفقات في صفر الماضي 586.7 مليون ريال. تفشي المصداقية أكد عضو الجمعية السعودية للاقتصاد الدكتور عبدالله المغلوث ل"الوطن"، أن الفوضى في السوق العقاري بالأحساء لها أضرار فادحة على سمعة سوق العقار، وتفشي عدم المصداقية والغياب عن الشفافية في السوق، وإحجام بعض المتعاملين الذين لديهم اهتمامات من الدخول في هذا السوق، موضحا أن تشكيل بعض التكتلات من العقارين يوقع الكثير من "الزبائن" في خسائر مالية كبيرة، مشددا على ضرورة النزاهة في التعامل، والإعلان عن الأراضي والأسعار الحقيقية بكل شفافية. وقال المغلوث إن الأحساء فيها مساحات شاسعة لم تخطط، ولم تطور، وبعضها مخطط ولا توجد فيه بنية تحتية، فبالتالي يجب أن تكون أسعارها معقولة وغير مبالغ فيها، مبينا أن تلك العبارات والشعارات الرنانة تحمل في مضمونها أن تلك الأراضي لها مستقبل من مشاريع البنية التحتية، وأن المستثمرين والمواطنين متوجهون إليها، وغير ذلك، مشيرا إلى أن بعض السماسرة يجدون موقعا لهم داخل هذه الفوضى، تساعدهم على تحقيق مصالحهم، وأن المتضرر هو المواطن الذي يرغب بشراء أرض ليتمكن من البناء عليها. مزايدات وهمية يقول المهتم بالشأن العقاري، فؤاد القطان، إن ملاك ومسوقي العقارات والمخططات السكنية يسعون قبل بدء المزاد على أراضيهم ومخططاتهم السكنية إلى نشر الإعلانات الدعائية، ويصاحب ذلك نشر مقاطع "فيديو" تسويقية لمخططاتهم الجديدة، والقيام بمزايدات وهمية داخل تلك المزادات، وما أن تستكمل إجراءات البيع واستلام هؤلاء الملاك لمبالغ البيع، ونقل الملكية إلى المشترين، حتى تنخفض أسعار تلك الأراضي خلال فترة لا تتجاوز ال30 يوما. مؤكدا أنه منذ أكثر من عامين لم تشهد المكاتب العقارية في الأحساء بيع قطعة أرض من داخل مخطط سكني جديد "عقب المزاد" بربح مجز للمشتري من داخل المزاد، فكثير من قطع الأراضي جرت إعادة بيعها مرة أخرى بخسارة لا تقل عن 15% من السعر في المزاد. أكد الوسيط العقاري، علي الناصر، تراجع أسعار العقار في الأحساء يوما بعد يوم، وأن معدلات الشراء في الأراضي في تراجع مستمر، وأن المزايدات داخل المزادات العلنية على الأراضي يتم معظمها من الملاك والمساهمين في المخطط. غياب التشريعات قال المغلوث إن غياب التشريعات والآليات التي تحد من فوضى هذا السوق والممارسات الخاطئة جعلت سوق الأحساء العقاري في تراجع وتشويه سمعة، وهذا لا شك أنه يضر بصناعة العقار في المملكة، والكل يعلم أن الحركة العقارية تعتبر رافدا من روافد الاقتصاد في المملكة ومحركا ديناميكيا، الكل يستفيد منه، ليس فقط للبيع والشراء، وإنما البناء والتشييد والتمويل ومواد البناء التي يستفيد منها الكل، مشددا على ضرورة الحفاظ على المنظومة، والتي من أبرزها الصدق في البيع والشراء، والحفاظ على الأسعار دون تكتلات أو تحالفات أو إشاعات يستفيد منها القليل والأغلبية العظمى متضررة. جهل بعض الملاك أشار المتابع للشأن العقاري، ناصر الزيد، إلى أن تلك الفوضى الناتجة عن تعزيز العقاريين لمبيعاتهم، وبالأخص الأراضي، وتشويه مشترياتهم من الأراضي والعقارات الأخرى، فيها استغلال لجهل بعض الملاك بأسعار العقار الحقيقية، وحاجتهم للبيع بأسرع وقت، نظرا لظروف بعضهم المالية، إذ إن البعض يضطر لبيع عقاره بأسعار متدنية جدا لا تتوافق مع سعر السوق الحقيقي، مضيفا أن هذه البيوع فيها خداع واستغلال لحاجات الناس بطريقة غير مشروعة، مقترحا على من تعرض للخداع في بيع عقار بأسعار متدنية ملاحقة المتورطين في ذلك قانونيا لدى جهات الاختصاص لفضح أمرهم أمام الجميع.