في عام 2008، وعندما أشرفت رئاسة الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين على الانتهاء، حضر الرئيس التنفيذي لشركة "إكسون موبيل" ريكس تيليرسون المنتدى الاقتصادي بسانت بطرسبرغ الروسية، الأمر الذي اعتبره مراقبون حضورا مهما لشخصية أميركية فاعلة من أجل إظهار روسيا كقوة اقتصادية بإمكانها استقطاب رؤوس الأعمال حول العالم. وفي ذلك الوقت، كان اقتصاد روسيا يعاني من أزمة، بفعل التوتر الذي كان سينتج عن حرب مع الدول المجاورة جورجيا، حتى أنه بعد أشهر من ذلك المؤتمر، زاد انهيار الاقتصاد المحلي، وسجل أسوأ فترات النمو بين اقتصاديات الدول العشرين من 8% إلى -8%. تفويت الفرص أشار تقرير صادر من مجلة "بوليتيكو" الأميركية إلى أن محاولات بوتين الحثيثة على مدار 8 أعوام، لاسترجاع القوة والهيمنة الروسية الجيوسياسية السوفيتية ما زال يترنح، وأن الدولة ما زالت ضعيفة جدا، بدليل انخفاض ترتيبها من بين دول "البريكس" المتكونة من البرازيل، وروسيا، والهند، والصين. وأكد التقرير، أنه على الرغم من ارتفاع أسعار النفط خلال ثمانية الأعوام الماضية، والتي وصلت أسعاره إلى سقف 140 دولارا، لم تنجز روسيا شيئا لنفسها أمام العالم، حيث إن شركة الغاز الروسية "غازبروم"، كانت تلعب بأعصاب الأوروبيين، من خلال التهديد بين فترة وأخرى بقطع إمدادات الغاز، بهدف الضغط والتحكم بأوكرانيا، بالإضافة إلى الضغوط الذي يمارسها بوتين على الشركات التجارية، مثل سجن زعيم النفط ميخائيل خودوركوفسكي بسبب عدم انصياعه لرغباته، وطرد شركة "رويال داتششل" من مشروع غاز مربح في الجزيرة الشرقية سخالين، فضلا عن تصريحات رئيس "بي بي" روبرت دادلي أنه سيهرب من روسيا بسبب المضايقات المستمرة عليه. سياسة التملق أوضح التقرير أن الاحتجاجات تزايدت في الفترة الأخيرة من الداخل الروسي، بسبب غياب العدالة والقانون، وأن القضاء أصبح فيها غير مستقل، بالإضافة إلى أن الشخصيات السياسية أصبحت تتقرب من بوتين من أجل عقد صفقات تجارية بمئات المليارات في أماكن نفطية بمنطقة القطب الشمالي لروسيا، التي قدر بأنها تحتوي على 22% من نفط وغاز العالم لم يكتشف بعد. وأضافت المجلة، أن روسيا اعتلاها تغيير مفاجئ، أصبحت على إثره منبوذة عالميا، واقتصادها بات متقلبا، في وقت أصبحت فيه الشركات العالمية تنحني أمام بوتين الذي فاجأ العالم بانتهاك سيادة القانون الدولي"، مشيرة إلى أن تيليرسون انتقد قبل أعوام سياسة روسيا تجاه سيادة القانون، إلا أنه بعد ذلك أراد أن يحسن من وضعه التجاري لشركته في روسيا، بعدما رأى الأخيرة أنها تلعب دورا مهما في القضايا الإقليمية والدولية على غرار الحرب السورية، وتدخلها في الانتخابات الأميركية. ثمن الأرباح وخلصت المجلة إلى أنه بعد 16 عاما من حكم بوتين، فإن رجال الأعمال حول العالم يجب عليهم تعلم طريقة واحدة للنجاح في روسيا، وهي التقرب أكثر إلى بوتين والدائرة المحيطة به، حيث إنهم يعتبرون بوابة روسيا نحو الأغنياء، كما أنهم يتمتعون بشخصيات متقلبة تهوى إيذاء الناس، مشيرة إلى أن الأرباح التي سيجنيها أولئك المستثمرون، ستكون على حساب كرامتهم وحقوقهم الإنسانية والقوانين الدولية.