بدأ البرلمان التونسي مؤخرا جلسة عامة للنظر في مشروع ميزانية الدولة، ومشروع "قانون المالية" لسنة 2017، في الوقت الذي يسود فيه خلاف حول هذا المشروع بين حكومة الوحدة الوطنية الجديدة والاتحاد العام التونسي للشغل، يتوقع أن يتطور ويصل إلى مرحلة الإضراب العام. وتزامنا مع شروع نواب البرلمان في مناقشة أبواب الموازنة الجديدة، ألقى الخلاف بظلاله على المشهد التونسي، إذ تصر الحكومة على تمرير رؤيتها الجديدة وبرنامجها الاقتصادي، في حين يصر اتحاد الشغل على قرار الزيادة في أجور موظفي الدولة، ويرفض محاولات عزله وانفصاله عن المشهد السياسي والاجتماعي في البلاد، والاستفادة منه فقط في إخماد الاحتجاجات الاجتماعية. إصرار على التصعيد فيما استبعد وزير الحكومة والوظيفة العمومية، عبيد البريكي، لجوء الحكومة إلى تقديم مقترحات أخرى، مؤكدا أنها ستمضي قدما في المصادقة على مشروع المالية، ولن تنظر إلى أي تهديدات، كان اتحاد الشغل، قد لوح خلال بيان أصدره الخميس الماضي، بتنفيذ إضراب عام في أجل لا يتجاوز الثامن من الشهر المقبل، ودعا إلى التحضير بشأن التحركات العمالية والنقابية في المحافظات المختلفة، وفي ساحة الحكومة، وأمام مجلس النوّاب خلال الأسبوع القادم من الشهر الحالي. ويأتي هذا التصعيد، بعد أن قدمت الحكومة مقترحا ثالثا، بتأجيل الزيادات في الأجور إلى شهر أكتوبر 2017، بعد أن رفض الاتحاد سابقا مقترحين بتجميد الزيادات سنتين ومن ثمّ سنة، بحجة أن الاتحاد يرفض تحميل الموظفين والعمال نتائج فشل الحكومات السابقة، ووجه اتهامات صريحة للحكومة بالانحراف عن التزاماتها التي حددتها وثيقة قرطاج، وخضوعها لإملاءات صندوق النقد الدوليّ. رفض التدخلات في خطوة اعتبرها مراقبون استمرارا للخلاف بين الحكومة والاتحاد، كان الأخير قد توجه في 14 من هذا الشهر، إلى صندوق النقد الدولي، ليعلن رفضه التام للإملاءات والوساطات التي يطرحها لحل الأزمة بينه وبين الحكومة، معتبرا إياه جزءا من المشكلة، بسبب الضغوطات التي يمارسها على السلطات التونسية لفرض سياساته الخاصة على الشؤون الداخلية. وكان الصندوق، قد طالب في وقت سابق الحكومة بإجراء إصلاحات اقتصادية، ومراجعة نسب الأجور المرتفعة. يذكر أنه تم الاتفاق على الزيادة في الأجور، بين رئيس الحكومة السابق، الحبيب الصيد، والأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي، في سبتمبر 2015، ووصف ذلك الاتفاق بالتاريخي حينها.