فاجأ المرشح الجمهوري العالم أجمع، وأسكت أصوات كافة منتقديه، وفي مقدمتهم قادة حزبه الذين رفضوا تأييده، وجاهر بعضهم، مثل رئيس مجلس النواب، بول ريان، والمرشح الرئاسي السابق، جون ماكين، وغالبية النواب البارزين في الكونجرس، وحقق الفوز، بفارق كبير على منافسته الديمقراطية، هيلاري كلينتون التي كانت كل استطلاعات الرأي، لا سيما التي تمت خلال الأيام الأخيرة، تمنحها الأفضلية بفارق كبير من النقاط. لم يكن أحد يتوقع -داخل الولايات الأميركية وخارجها- أن يتمكن الرجل المثير للجدل، الذي لا يملك تاريخا يذكر في العمل السياسي، من الوصول إلى البيت الأبيض، وبلغ استخفاف قادة حزبه الجمهوري به حد الدعوة إلى منعه من السباق التمهيدي لنيل ورقة الترشيح عن حزب إبراهام لينكولن. المعارضة من الداخل امتنع قادة الحزب عن اتخاذ هذه الخطوة، خوفا من إثارة مشكلات وخلافات داخل الحزب، مؤكدين بلهجة تصل حد اليقين أنه سيسقط قبل وصوله إلى المراحل النهائية من الانتخابات التمهيدية، إلا أن ترامب هزم تلك التوقعات، وقهر كافة منافسيه، ونال أعلى الأصوات التي تمكنه من نيل ورقة الترشيح عن الجمهوريين الذين أسقط في أيديهم، وباتوا بين خيارين، أحلاهما مر، إما حرمانه من تمثيل حزبهم، وهي الخطوة التي هدد ترامب بأنه سيرد عليها بتحريك الآلاف من أنصاره لافتعال أعمال شغب، أو السماح له بالترشح وإعلان تبرئهم منه وعدم التصويت له، فاختاروا الخيار الثاني. بعد إعلان ترشح ترامب للانتخابات، أكد قادة الحزب الجمهوري، معارضتهم لترامب، في سابقة تحدث للمرة الأولى، وقال رئيس مجلس النواب بول ريان، إنه لن يمنحه صوته، وأضاف "خسارة معركة انتخابية أمام الديمقراطيين أفضل من خسارة مستقبل الحزب". تجاوز كافة الصعاب تكالبت كل العوامل ضد ترامب، بدءا من وسائل الإعلام التي أعلنت تأييدها لكلينتون، وشنت حملة غير مسبوقة ضد منافسها، وأسهبت في كيل الانتقادات له، والسخرية منه. كما تتالت الفضائح الجنسية لإعلاميات وموظفات وملكات جمال، كشفن فيها أن المرشح الديمقراطي تحرش بهن، ولم يكد يمر يوم إلا وتظهر إحداهن على وسائل التواصل الاجتماعي، لمهاجمة المرشح الذي لم يتورع عن كيل الاتهامات لهن، بلغة وصفها البعض بالانحطاط، وأسهم كل ذلك في تدني شعبيته وتراجع حظوظه، حتى جاء إعلان مكتب التحقيقات الفيدرالي إعادة فتح التحقيقات في قضية البريد الإلكتروني الخاصة بكلينتون، والتي يبدو أنها مثلت طوق النجاة لترامب، فالتقطه وأحسن استغلاله، ووجه اتهامات مباشرة بالفساد لمنافسته. فنجح إلى حد ما في تضييق الفجوة بينهما. ورغم أن آخر استطلاعات الرأي أكدت احتفاظ كلينتون بأفضليتها، وإن كان بفارق بسيط، إلا أن الحقيقة التي هزمت كل المؤشرات هي أن ترامب حقق الفوز بفارق مريح، بلغ 60 نقطة، وأن من كان يشار إليه بألفاظ الاستخفاف والتهوين بات هو الجالس على كرسي قيادة أكبر دولة في العالم. تركة ثقيلة تواجه دونالد أبها: الوطن قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، إن الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، سيرث مجموعة من أصعب المشاكل التي تواجه السياسة الخارجية، لافتة إلى أنه سيدخل إلى عالم متوتر كرئيس لا يعرَف الكثير عنه، ومواقفه من كثير من القضايا غير محددة بشكل كاف. وأوضحت الصحيفة أن ترامب وعد خلال حملته الانتخابية بإعادة توجيه السياسة الأميركية بطريقة جديدة، وشكك بالدعم الأميركي لحلف الناتو وتحالفات تاريخية أخرى، وأعرب عن تقارب بينه وبين الرئيس الروسي فلاديمير بوتن. وحسب الصحيفة فإن ترامب قال في وقت سابق، إنه سيدرس إعادة تنظيم سيطرة روسيا على منطقة شبه جزيرة القرم التي استولت عليها روسيا من أوكرانيا بالقوة في 2014. كما تحدث عن تخفيف الدور الأميركي على الساحة العالمية، وقال إن عدداً من حلفاء الولاياتالمتحدة التقليديين ربما سيكون عليهم الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم، والحصول على أسلحة نووية خاصة بهم، بدلاً من الاعتماد على الحماية الأميركية. مجابهة داعش تشير الصحيفة إلى أن ترامب تعهد بإعادة بناء إستراتيجية الولاياتالمتحدة تجاه تنظيم داعش، لكنه لم يقدم تفاصيل عنها، واكتفى بأنه سيصعِّد العمل العسكري، مقترحا توحيد القوى مع روسيا لمواجهة داعش. وبالنسبة للبرنامج النووي لكوريا الشمالية، لم يفصح ترامب عن أي تفاصيل، واكتفى بالقول إن نشر الولاياتالمتحدة قوات في شبه الجزيرة الكورية لم يؤد للقضاء على خطر ذلك البرنامج. وقالت الصحيفة إن ترامب انتقد الصين عدة مرات خلال حملته الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بالتجارة، لكنه بشكل عام شكك بجدوى الوجود العسكري الأميركي في آسيا. وبالنسبة للعلاقات مع إيران، وعد دونالد ترامب بتمزيق الاتفاقية النووية، الأمر الذي قد يؤدي إلى اضطرابات هامة إذا حاول ترامب التخلص من الالتزامات الأميركية وفقاً للاتفاقية.