حملت المناظرة الثانية بين المرشحة الديموقراطية لانتخابات الرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون ومنافسها الجمهوري دونالد ترامب رؤيتين متناقضتين لمستقبل الولاياتالمتحدة وسياستها الإقليمية، من دون أن يوجه أي منهما «ضربة حاسمة» للآخر. ودافع ترامب، الذي تراجعت فرصه لتولي الرئاسة نتيجة الفضائح، عن استراتيجية روسيا في سورية، فيما طالبت منافسته بفرض منطقة حظر جوي لحماية المدنيين في هذا البلد، والتصدي لموسكو. وقبل 28 يوماً من اقتراع 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، ومع تقدم كلينتون في الاستطلاعات الوطنية بعد فضائح ضريبية وإباحية لترامب، لم ينجح المرشح الجمهوري في حسم المناظرة الثانية لمصلحته، على رغم تحسن أدائه عن المواجهة الأولى عبر نبرة أكثر هجومية. ومنح استطلاع أجرته محطة «سي إن إن» بعد المناظرة، كلينتون نسبة تفوق ال57 في المئة من الأصوات في مقابل 34 في المئة لترامب. لكن استطلاعاً آخر أجراه معهد «يوغوف» أظهر انتصاراً أقل مستوى لكلينتون بنسبة 47 في المئة من أصوات الناخبين المسجلين الذين شاهدوا المناظرة، في مقابل 42 في المئة لترامب. وشهدت المناظرة لحظات ساخنة وهجوماً عشوائياً لترامب لوّح فيه ب «إمكان تحويل كلينتون إلى المدعي العام ووضعها في السجن» إذا انتخب رئيساً، ما أثار انتقادات واسعة حتمت توضيح حملته بعد ساعات، بأنه «قال ذلك على سبيل المزاح». كما طغت الفضائح على المناظرة من خلال إصرار ترامب على حضور ثلاث نساء يتهمن الرئيس السابق بيل كلينتون بالتحرش بهن، ومطالبته بإجلاسهن في المقاعد المخصصة لأفراد أسرته، وهو ما رفضه المنظمون. كما استحضر ترامب تسريبات موقع «ويكيليكس» وقضية البريد الإكتروني لهيلاري التي حاول الاقتراب منها حين كانت تتحدث، في شكل ذكّر بأسلوب آل غور أمام جورج دبليو بوش خلال مناظرة خسرها عام 2000. وظهر التناقض الأكبر بين المرشحين في السياسة الخارجية، إذ واصل ترامب الدفاع عن روسيا مندداً باتهام الإدارة الأميركية الحالية الكرملين بقرصنة البريد الإلكتروني للجنة الديموقراطية، والتدخل في الانتخابات، «إذ لا دليل على ذلك». وفي الملف السوري، دعت كلينتون إلى التصدي لروسيا وإنشاء منطقة حظر جوي قبل العودة إلى المفاوضات، فيما اعتبر ترامب أن روسيا ونظام الرئيس السوري بشار الأسد وإيران «يقاتلون تنظيم داعش»، وهو ما يجعله يختلف أيضاً مع مرشحه لمنصب نائب الرئيس مايك بنس. واستغرب كثيرون تصريحات ترامب عن مكافحة موجة معاداة المسلمين، وقوله إن «الأقلية المسلمة الأميركية يجب أن تبلغ عن أشياء»، ما أطلق انتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي. وفيما ارتكزت استراتيجية ترامب في المناظرة على مخاطبة قاعدته اليمينية بعد أسبوع عاصف لحملته، اعتبرته صحيفة «واشنطن بوست» خاسراً في المناظرة الثانية وبسبب هجومه العشوائي في مقابل هدوء كلينتون. وكان لافتاً أمس، إعلان الرئيس الجمهوري لمجلس النواب بول ريان أنه لن يدافع عن ترامب أو يشارك في أي من تجمعاته الانتخابية، مشدداً على ضرورة التركيز على إنقاذ الغالبية الجمهورية في مجلسي النواب والشيوخ إذا خسر الحزب الرئاسة. وعادت كلينتون إلى خط الحملة أمس، للتركيز على ولايات الانتخابات المبكرة، حيث ستتوجه إلى أوهايو غداً في انتظار إجراء المناظرة الثالثة الأخيرة مع ترامب في 19 الجاري.