هناك قيود تقيدك وتكبلك وتأخذك نحو الغرق في بحر الحياة، إنها الأنا المنتفخة المتضخمة، التي تظن واهما أنها تحميك وتصنع لك بروازا فاخرا لصورتك فتصبح أسيراً لهذا البرواز وتسعى جاهدا على ألا يتحطم بينما تتمزق روحك من الداخل، ترغب بكسر هذا البرواز الزائف المحاط بالأنانية والغطرسة والكبر والغرور. ومن ألاعيب هذه البراويز أنها توهمك بأمورا كثيرة لا تمت للواقع بصلة، أنت فقط من تعيش أوهامها وهواجسها فقد تدفعك لتصرفات غبية قد تصل للحماقة أحيانا. أنا لست أدعو إلى مثالية واهمة تبعدنا عن واقعنا، فمن حق كل منا أن يعتز بنفسه وبقدره على ألا يتحول الاعتزاز بالنفس إلى (الأنا). فمن أرد لروحه التوسع فليبدأ بتدريب نفسه على عملية الترك، دعها تذهب ولا تخف، فمن وهبها لك قادر على أن يهبك بغيرها . ويكفينا حذّر تحول إلى ظنون سيئة سلبت الناس سلامهم الداخلي فالكل في حالة تربص وترقب ! قد تظن واهما أن هذا البرواز يحميك ويجمل صورتك، بل وقد تظن واهما أنه أنت ! ولا تعلم يا مسكين أنك تملك روحا عملاقة أكبر من حدود البرواز الذي حبست نفسك داخله، ومن هذه البراويز الشهرة والاختراع والفكرة وسمعتي بين الناس ومكانتي الوظيفية وهكذا أنا أفضل، جميعها ضيقت على روحك التي لا يحدها إلا سماء وارض . ألم تتعبي أيتها البشرية من استمرارية صناعة تلك البراويز الواهمة عبر العصور؟! إلى متى ونحن في حالة الفقر هذه، والاحتياج لشيء ما، حتى وإن كان وهمي لِنُعرف أنفسنا من خلاله؟!