بدأت بالقلم الرصاص، وفروخ الورق الأبيض. زيّنت حوائط مدرستها بلوحات ملونة بأحلام مشرقة. اكتشفت مبكرا خامة الصلصال فمزجته سريعا وبشكل نافر في لوحاتها ليعطي رواشين ونوافذ بيوت جدة القديمة حق التنفس، وإطلاق سراح الأحلام الحبيسة من أقفاصها، ومصافحة شعاع شروق الشمس، وقبسات ضوء فوانيس الشوارع الضيقة. محفظة نقودها دائما صغيرة. وعبثا تكبر مع طموحاتها، جربت تصميم الأزياء، وتلوين الأقمشة وقمصان "التيشيرت". وأحرقت أصابعها في صبغ وجوه الأطفال لتبدو كسندريلا أو سبايدر مان. كانت نادرا ما ترسم غير وجوه الشخصيات الكرتونية القادرة على الطيران والقفز فوق بساط الريح. تقترب دائما من الناس، وأماكن تزاحم الأقدام لعرض موهبتها ورغبتها في الوصول إلى المحطة المنتظرة. كل قطعة نقدية تقربها في آلة يانصيب الحظ إلى سقف أحلامها الكبيرة. لم تخجل من بيع قطع اكسسوارات بسيطة، ومنمنمات فنية تعرضها مع لوحاتها في ردهات الأسواق. ولم تمانع في المشاركة ببرنامج "تأثر ويؤثر" المخصص لتدريب الأطفال واكتشاف مواهبهم. كان إيمانها يزداد بالمستقبل، وهي تشاركهم لحظات من الشقاوة اللذيذة بين الأقلام الخشبية، ومعاجين الألوان المائية، وأحواض الرمال الملونة. وكانت أحلامها تكبر بخميرة موهبتها الفنية، وتنسى للحظات ندب بختها المائل، والفرصة التي لا تجيء. تقول: "يوم ما سيصل الحظ، وسيجدني في انتظاره بشوق كبير". الشهر الماضي، فتحت محفظتها الصغيرة، واستأجرت مساحة بيضاء في ردهة مركز تجاري فخم بجدة لمعرضها الشخصي الثالث عشر. نثرت فيه 200 لوحة في كولاج بصري يزاوج بين الصورة والرسم والفكرة العصرية، ولم تنس أن تمنحه اسما رمزيا "سنتيمتر مربع!". التشكيلية فاطمة باعظيم تشعر بأنها تقترب، وألا مكان لليأس في تجربتها. تقول: "هي خطوة إلى الأمام، حتى لو تم قياسها بوحدة السنتيمتر الواحد".