وسيم عامل بنغالي يجد متعته في مقابلة الموظفين ببشر واهتمام كل يوم. كانت أكواب الشاي والقهوة التي قدمها بالأمس تبدو خالية من السكر. تماما كملامح الحيرة التي تقطر مرارة من وجهه الضاحك عادة. وسيم حزين اليوم أيضا. وسر حزنه رغبة جامحة في السفر والعودة إلى بلاده. بالكاد يجيب عن السبب، وعندما أفصح عن همه بدت حجته طريفة، وأقرب إلى نكتة من كونها مشكلة مصير. حزن وسيم مرتبط بغلاء الطماطم والبصل والفلفل الأحمر!. يقسم أن ميزانيته اليومية لم تعد تكفي لشراء جواهر (الغموس) مع ربطة خضروات ورقية، تسد جوعه في وجبتي الغداء والعشاء. وأن العودة إلى قريته الفقيرة باتت سيان مع بقائه في جدة عاصمة الاقتصاد السعودي. وسيم يتقاضى 350 ريالا كأجر شهري، مقابل 8 ساعات عمل يوميا، وريالا ونصف ريال مقابل كل ساعة عمل إضافية، بالإضافة إلى غرفة يسكن معه فيها 5 من زملائه، وحمام مشترك بلا ماء، وباص مهترىء يكتظ برائحة العرق في رحلة الذهاب والعودة إلى علبة السردين التي يقطنها في حي كيلو 5 جنوبالمدينة. وسيم قرر في نهاية ساعات عمله اليوم إبلاغ الجميع بقرار رحيله القسري. لم ينس أن يغلف كلماته بابتسامة تذوب سريعا، وهو يقلب ملعقة من السكر في كوب الشاي الأخير. قال مودعا: سامحوني!.