فيما يشهد حزب "نداء تونس" الحاكم في البلاد انشقاقات متواصلة وجدالات واسعة في صفوفه، زاد أوجها عقب تكليف رئيس الحكومة التونسية الحالي يوسف الشاهد برئاسة الهيئة السياسية للحزب، مما أثار حفيظة بعض القيادات داخل الحزب، باتت ظاهرة ازدياد الأحزاب السياسية، والتي بلغت 206 أحزاب بعد ثورة 2011، عائقا أمام طريق العملية الإصلاحية في البلاد. ففي حين تنتظر المناطق المغيبة عن كل مظاهر التنمية والبنى التحتية، النور من قرارات الحكومة المكلفة الجديدة وما ينتج عنها من إصلاحات تنموية واقتصادية، وخلق فرص عمل لأصحاب الشهادات العليا المعطلين عن العمل من فئة الشباب، تتجه بوصلة بعض قادة الأحزاب السياسية والتكتلات البرلمانية إلى التفكير في المصالح الشخصية والحزبية، بعيدا عن اهتمامات المواطن وما يعانيه من تأخر تنموي، وإصلاح اقتصادي وخطط مستدامة للنهوض بكافة القطاعات الحيوية في البلاد.
هدف التوقيت كان آخر التكتلات الحزبية حديثة الوجود على الساحة السياسية في البلاد، إعلان النائب في البرلمان التونسي أحمد الخصخوصي عن تشكيله لكتلة برلمانية جديدة تحت مسمى "الكتلة الاجتماعية الديمقراطية"، والتي ستنضم إلى تحالف الجبهة الشعبية وعدة أحزاب أخرى معارضة لحكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها يوسف الشاهد. ويرى خبراء في القانون أن توقيت إعلان مثل هذه التكتلات السياسية الجديدة، تأتي في وقت يرغب فيه الساسة التونسيون بإعادة تشكيل الخريطة السياسية على المشهد العام، بهدف الاستعداد للانتخابات البلدية التي سترى النور في عام 2017، الأمر الذي يزيد من حيرة المواطن التونسي وسط هذه الشبكة المعقدة من الأحزاب، التي أخرت من عملية الإصلاح الجهوي والتنموي، وأصبحت تعلي مصالحها الشخصية الضيقة، وتستقطب الولاءات فوق كل اعتبار. تجنب الخلافات كان قرار تكليف القيادي في الحركة ورئيس حكومة الوحدة الوطنية الحالية يوسف الشاهد، برئاسة الهيئة السياسية للحزب الحاكم، أثار انتقادات واسعة وحفيظة عدد من قادة الحزب، الذين اعتبروا القرار عملية إقحامية لرئيس الحكومة في خلافات ومشاكل الحزب، الأمر الذي يقلل من مصداقيته السياسية، ويزيد من التشويش على أدائه كرئيس للحكومة، التي يجب أن تكون جامعة لكافة أطياف السياسيين في البلاد. يذكر أن حزب "نداء تونس" الحاكم في البلاد، قد شهد في العام الماضي انشقاقات بعد استقالة 32 نائبا من كتلته البرلمانية، مما قلص مقاعد الحزب في البرلمان إلى 54 مقعدا، وأفقده الأغلبية في البرلمان لمصلحة حزب حركة النهضة الإسلامية، الذي يستحوذ على 67 مقعدا في المجلس.