اقترح الاتحاد الأوروبي مضاعفة المساعدات المالية التي يقدمها إلى تونس لتبلغ 300 مليون يورو لمواجهة الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ ثورة كانون الثاني (يناير) 2011، فيما يواجه حزب «نداء تونس» الحاكم صراعات داخلية متتالية تهدد وحدة كتلته النيابية واستقرار البلاد السياسي. وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، في مؤتمر صحافي في بروكسيل مساء أول من أمس، إن «الهدف هو زيادة المساعدة المالية الثنائية لتصبح 300 مليون يورو في العام 2017» بعد أن كان معدلها السنوي بحدود 170 مليون يورو سنوياً في السنوات الثلاث الأخيرة. وتقول المفوضية الأوروبية إن هذا المقترح «يهدف إلى تعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية ومساعدة المؤسسات ومكافحة البطالة، بناء على اولويات مخطط التنمية الخماسي (2016-2020) الذي عرضته الحكومة التونسية هذا العام» وفق مورغيني التي أوضحت أن «هذا القرار اتُخذ بعد تحليل الوضعين الاقتصادي والاجتماعي لتونس، في ظل تفشي البطالة بين الشباب، إلى تقليص النشاط السياحي، الذي كان يُعتبر المصدر الأساسي لخزينة الدولة». وتأتي هذه الوعود الأوروبية في ظل تردي الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في تونس وسط تحذيرات من اندلاع احتجاجات اجتماعية في المحافظات الأكثر فقراً جنوب البلاد وغربها نتيجة انتشار البطالة والنقص الكبير في التنمية، بخاصة إذا لم تتخذ حكومة يوسف الشاهد إجراءات لمصلحة هذه المناطق قبل نهاية العام. وكان وزير الاستثمار التونسي فاضل عبد الكافي حذر قبل يومين من أن تونس تعيش «حالة طوارئ اقتصادية بسبب تباطؤ النمو وصعوبات كبيرة في المالية العامة»، داعياً الأجانب إلى الاستثمار في بلاده ودعم الاقتصاد لتجنب الانهيار الاقتصادي. ويهدف برنامج الاتحاد الأوروبي، وفق المفوضية السامية، إلى «تسريع المفاوضات مع تونس للوصول إلى انشاء منطقة تبادل تجاري شامل حر ومعمق في أقرب المهل قبل نهاية عام 2019 وهي طريقة يعتبرها البعض خطوة أولى على طريق دمج الاقتصاد التونسي ضمن السوق الأوروبية». كما سيعمل الاتحاد الأوروبي على «إقناع المؤسسات المالية بتقديم مساعدات تقدّر ب 800 مليون يورو سنوياً توجَّه لدعم بناء الإنشاءات وتحديث البنية التحتية للاقتصاد التونسي وتطوير قطاع النقل بالسكة الحديدية». وانخفضت ايرادات السياحة في تونس في العام 2015 الى حوالى بليون يورو مقابل 3.6 1.45 بليون يورو في العام 2014. وتساهم السياحة بنسبة 7 في المئة في الناتج الداخلي لتونس وتشغّل 400 ألف شخص في شكل مباشر وغير مباشر وفق احصاءات رسمية. وساهمت إضرابات قطاع الفوسفات وتراجع إيرادات السياحة بخفض توقعات النمو لهذا العام لتبلغ 1.5 في المئة على أقصى تقدير، وفق بيانات رسمية تونسية ويُتوقع أن يرتفع العجز في الموازنة الى 3.4 بليون دولار ما يدفع البلاد إلى مزيد من الاقتراض من المؤسسات الدولية المانحة. في غضون ذلك، تواصلت الخلافات داخل حزب «نداء تونس» العلماني الحاكم حول رئاسة كتلته البرلمانية، وتصاعدت حدتها الأسبوع الماضي بسبب اقتراح تولي رئيس الحكومة يوسف الشاهد رئاسة الهيئة السياسية العليا للحزب. ونشبت الخلافات بين انصار حافظ قايد السبسي نجل الرئيس التونسي ومناهضين له، بعد مطالبة عدد من نواب الحزب بسحب الثقة من رئيس كتلة «نداء تونس» في البرلمان سفيان طوبال وتمسك الأخير بمنصبه. واندلع الخلاف منذ مطالبة قيادات مناهضة لحافظ قائد السبسي، الأخير بالتخلي عن مهماته الى حين موعد المؤتمر المقبل للحزب، مؤكدين رفضهم تكليف الشاهد رئاسة الهيئة السياسية للحركة وإلحاق كل أعضاء الحكومة الندائيين بالهيئة الأعلى للحزب. وعاد بذلك الصراع بين قيادات «نداء تونس» الى العلن، وسط تحذيرات من أن تؤثر انشقاقات حزبية محتملة في عمل حكومة الوحدة الوطنية والاستقرار السياسي في البلاد. وكان حزب «نداء تونس»، الذي أسسه الرئيس الباجي قائد السبسي قبل 4 سنوات، تعرض العام الماضي لحركة انشقاق بعد استقالة 32 نائباً من كتلته النيابية، ما قلص عدد مقاعده في البرلمان إلى 54 مقعداً، وفقد بالتالي الأكثرية لمصلحة حليفه حركة «النهضة» الإسلامية التي حصلت على 67 مقعداً في الانتخابات العامة التي جرت في العام 2014.