شدد الكاتب الباحث في التاريخ الثقافي السعودي محمد القشعمي على أن النشاط الثقافي في الأندية الرياضية تأثر بالمتغيرات مع مطالع التسعينات من القرن الماضي، بعد أن ظل حاضرا بقوة، منذ الخمسينات الميلادية في أندية المنطقة الغربية، ثم ازدهر خلال الستينات في أندية المنطقة الوسطى والشرقية والقصيم، وصولا إلى المنطقة الشرقيةوالأحساء، لافتا إلى حتمية الالتفات إليه مجددا ضمن رؤية 2030. وكشف القشعمي في حديثه، تعليقا على ملف النشاط الثقافي في الأندية الرياضية الذي فتحته "الوطن" أخيرا، خلفيات تنافس أندية المنطقة الوسطى الرياضية في الأندية الثقافية في السبعينات الميلادية، ومنها تنافس ناديي الهلال والنصر في النشاط المنبري والعروض السينمائية. إعانات خاصة قال محمد القشعمي ل"الوطن": "الشؤون الرياضية انتقلت للمرة الأولى من وزارة المعارف إلى وزارة الشؤون الاجتماعية عام 1962، وكان يتولى مسؤوليتها عبدالله العبادي الذي ما لبث أن سافر لإكمال دراسته العليا في أميركا، ليحل مكانه الدكتور صالح بن ناصر عام 1964، وهي الفترة التي التحقت فيها بالعمل، ولما تولى الأمير خالد الفيصل مسؤولية رعاية الشباب أواخر الستينات كنت لا أزال موظفا في رعاية الشباب، وكان للأمير خالد صالون ثقافي يعقده بالرياض كل خميس، ثم انتقل إلى إمارة منطقة عسير، فجاء الأمير فيصل بن فهد، وأبدى اهتماما بالنشاط الثقافي في الأندية الرياضية، قبل تأسيس الأندية الأدبية عام 1975، وخصص لها إعانات وميزانية خاصة. بل كان من شدة اهتمامه بهذا النشاط أن كلف الأديب عبدالعزيز الرفاعي بإلقاء محاضرة في نادي النجمة بعنيزة عام 1974، وحينها كان عملي قد انتقل إلى مكتب رعاية الشباب بالقصيم، وكان قبلها قد طلب من الدكتور محمد عبده يماني وكان وقتها مديرا لجامعة الملك عبدالعزيز عام 1971 إلقاء محاضرة عن العلوم بنادي الهلال في الرياض، ولما لم يكن هناك مكان يسع الحضور، استضافت الغرفة التجارية المحاضرة. وشهدت تلك الفترة تنافسا شديدا وجميلا بين ناديي الهلال والنصر في النشاط الثقافي وعروض السينما، وكان للأديبين عبدالله بن خميس وعبدالله نور دور بالغ في تفعيل ذلك النشاط، إضافة إلى وجود أسماء لها اهتمامات ثقافية في إدارة الهلال، مثل المعلق الرياضي محمد عبدالرحمن رمضان والشاعر ناصر بن جريد". وتابع القشعمي: "إعانات الأندية في تلك الحقبة كانت تنقسم إلى 3 أقسام "النشاط الرياضي، والنشاط الاجتماعي، والمحاضرات"، وكل نشاط له نقاط محددة تترجم إلى مبالغ تمثل المعونة التي يستحقها النادي، وهنا وقعت المشكلة، وهي أن بعض الأندية كانت تقدم نشاطات على الورق فقط، مما استدعى تدخل الرئاسة بأن ترسل مندوبا لمتابعة أي نشاط ثقافي أو اجتماعي لتأكيد المصداقية". تغول الأيدولوجيا عام 1975 انتقل عمل محمد القشعمي إلى مكتب رعاية الشباب بالأحساء، وعن تلك الفترة يقول: "كلفت بزيارة مقر جمعية الثقافة والفنون، وتقديم تقرير بواقعها الإداري والمالي وبرامجها الثقافية المنوعة، فوجدت مجموعة من أعضاء مجلس إدارتها وبعض أعضاء اللجان الفرعية، مثل عبدالرحمن الحمد ومحروس الهاجري وعمر العبيدي وحسن العبدي ومحمد الصندل وغيرهم.. وسمعت ببدايات الجمعية وبالدور الذي قام به شاكر الشيخ عند تأسيسها وسفره مع عبدالرحمن الحمد إلى الكويت عام 1973 لمعرفة الجمعيات الفنية عن قرب ومقابلتهم لمحمد الحمد النشمي وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس جمعية الفنانين الكويتية ورئيس تحرير مجلة "الفن" الذي شجعهم على المضي في تنفيذ فكرتهم وزارهم بعد ذلك بالأحساء ووضع معهم اللمسات الأخيرة على تسمية اللجان ومهامها. وفي تلك الفترة أخذ النشاط الثقافي ينتعش في المنطقة الشرقيةوالأحساء، ولم يقتصر توهج النشاط الثقافي في الأندية الرياضية، على منطقة الحجاز أو نجد فحسب، حيث نظمنا نشاطات واسعة في قرى الأحساء، وأتذكر محاضرة عن الرياضة العالمية ألقاها جارالله التميمي بنادي القادسية بالخبر. كانت الإدارة العامة للنشاطات الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب تشرف على النشاطات والبرامج الثقافية بالأندية الرياضية وبيوت الشباب التي تشمل مسابقات، ومهرجانات مسرح مثلت حاضنة جميلة للشباب في تلك الحقبة، حتى مطالع التسعينات، حين تغول الخطاب المؤدلج وطغى على المجتمع، فتوقفت المهرجانات المسرحية والأسابيع الثقافية، التي يجب أن يعاد فتح ملفاتها مجددا لأن المعطيات تغيرت الآن".