لم يقتصر توهج النشاط الثقافي في الأندية الرياضية، خلال حقبة الستينات الميلادية على منطقة الحجاز عبر أندية الوحدة والاتحاد والعقيق في المدينةالمنورة، بل امتد ليشمل أندية العاصمة الرياض. فيما أشار مثقفون في المنطقة الشرقية إلى الدور الذي كان يلعبه ناديا القادسية في الخبر، وهجر في الأحساء خلال حقبة السبعينات الميلادية، حين تقلص النشاط الثقافي في الأندية الرياضية وبيوت الشباب وصار يمثل هامشا بسيطا من اهتمامات الأندية ويعتمد في آليات عمله على ما كانت تنفذه الرئاسة العامة لرعاية الشباب من مسابقات دورية بين الشباب تتم بشكل تقليدي تعرض لانتقادات كثيرة من قبل المعنيين بالشأن الثقافي. بينما تعتمد بعض الأندية على اجتهادات فردية من بعض المثقفين المتطوعين المتعاونين مع الأندية الرياضية. الشنفرى في الهلال يتذكر الروائي أحمد الدويحي أن نشاطا ثقافيا كان مشتعلا في أندية الرياض، لافتا إلى أن الروائي الراحل إبراهيم الناصر"1934 - 2013"، هو أول من أشرف على نشاط ثقافي في أندية المنطقة الوسطى من خلال تجربته في نادي النصر، كما أن هناك مساهمات لعبدالله نور "1940-2006". ويقول الباحث محمد القشعمي إن نور ألقى عام 1965 أول محاضرة أدبية في نادي الهلال وكانت عن قصيدة الشنفرى الشهيرة "لامية العرب"، لفتت من خلالها الأنظار ثم تبعتها محاضرة لعبدالله بن خميس. سينما المربع قال الشاعر سعد الحميدين في عام 1968 قادتني قدماي إلى مقر نادي الهلال، لمتابعة محاضرة للأديب عزيز ضياء، كان الحضور كبيرا، وهكذا ظللنا نتابع نشاطات ثقافية كهذه في الهلال والنصر، إضافة إلى حضورنا لمتابعة أفلام سينمائية، كانت تعرض في الأندية ندخلها بتذاكر لم أعد أتذكر سعرها الآن، غير أني أتذكر محلات عدة في حي المربع كانت تعمل في تأجير آلات عرض السينما والأفلام، واستمرت في هذا إلى ما بعد منتصف السبعينات الميلادية، قبل أن تتحول إلى محلات لبيع وتأجير شرائط الفيديو. حماية النشء استعاد الكاتب المسرحي الفنان عبدالعزيز السماعيل، كيف كانت الأندية الرياضية تضج بالنشاط الثقافي والفني منذ أواخر الخمسينات الميلادية حتى نهايات السبعينات تقريبا، مشيرا إلى المسابقات الثقافية التي كانت تنظمها الرئاسة العامة لرعاية الشباب بمسماها القديم في الأندية الرياضية على مستوى المملكة، وعروض السينما، والمهرجانات المسرحية والفنية، مبديا تطلعه إلى أن تستعيد وزارة الثقافة والإعلام وكل المؤسسات الثقافية في المملكة هذا الدور، لافتا إلى أن الثقافة والفنون حاجة ملحة وأساسية في تكوين الشباب، وصقل مواهبهم، وحمايتهم من كل أفكار التطرف، وأحادية الرأي، وهذه مسألة لا بد أن تدركها مؤسساتنا لتصوغ وتتبنى استراتيجية عميقة وقوية تتمكن من خلالها من تقديم شيء للشباب في هذا الإطار، لتأخذ بأيديهم بعيدا نحو كل ما هو جيد وخلاق على مستوى النشاطات والبرامج غير الرياضية، وهذا حلم جميل أتطلع إليه أنا وسواي من الفنانين والمثقفين، يأملون أن تستعيد الأندية الرياضية، ماضيها الجميل في دعم الفن والثقافة الذي ظلت تعمل به منذ نشأتها، واستمرت فيها إلى منتصف الثمانينات تقريبا، ثم توقف نهائيا عقب تأسيس وزارة الثقافة والإعلام سنة 2003. حيث ألغيت الإدارة العامة للنشاطات الثقافية بالرئاسة العامة لرعاية الشباب التي كانت تشرف على النشاطات والبرامج الثقافية بالأندية الرياضية وبيوت الشباب بشكل مباشر، ما ألقى بمصير النشاطات الثقافية في الأندية الرياضية في مهب الريح، رغم أن الواجهة الأمامية للأندية الرياضية لم تخل من عبارة ناد رياضي "ثقافي، اجتماعي"! وأضاف أن مسرح نادي الوحدة الرياضي قد استضاف عام 2007 عروض المهرجان المسرحي الذي نظمه نادي مكةالمكرمة الأدبي، ما فتح واسعا ملف النشاط الثقافي في الأندية الرياضية، الذي صدر بشأنه قرار من وزارة الثقافة والإعلام عام 2005، جرى تعميمه على كل الأندية الأدبية والرياضية يخول الأندية الأدبية بالإشراف على النشاطات الثقافية في الأندية الرياضية، ولكنه ظل قرارا مع وقف التنفيذ، ولم تكترث الأندية الرياضية به.