عوامل جذب ومغريات، صفقات أو "منصات" تسويق طويلة الأمد، وغيرها من مفردات الاستثمار والتوظيف ومصطلحات جني الأموال وتوزيع الأرباح، وتعميم الفائدة كما يشيع العاملون في هذا القطاع، الذي لا يعرف لغة مشتركة إلا الأرقام المتعددة الأصفار، والمبالغ التي يسيل لها اللعاب، كما يسيل حبر كثير وغزير في الحديث عنها. ولعل ما تقدم لا يعد جديدا في إطار الرياضة العالمية، وخصوصا كرة القدم، وأسواق دورياتها الأوروبية في الدرجة الأولى، وفي مقدمها الدوري الإنجليزي الممتاز "البريمييرليج"، الذي يسجل أرقاما قياسية على صعيد عقود النقل التلفزيوني، أعيد تسليط الضوء عليها مع إقفال الميركاتو الصيفي (سوق الانتفالات) في 31 أغسطس الماضي، والتي بلغت 1.54 مليار دولار. وهو رقم يعد منطقيا قياسا إلى ما ينفق للحصول على حقوق النقل التلفزيوني ومرادفاتها. احتكار أجنبي لا بد من الإشارة إلى أن 5 % فقط من أندية البريمييرليج بعهدة إنجليزية، والسبب أن بنية هذا الدوري وسوقه الرحبة تعدان جنة للمستثمرين. ويسيطر أميركيون على ملكية أندية آرسنال ومانشستر يونايتد وليفربول، وتايلاندي على ليستر سيتي، وإماراتي على مانشستر سيتي، وروسي على تشلسي، وإيراني على إيفرتون، وإيطالي على واتفورد، ومصري على فولهام، وويلزيون على سوانزي ووست هام. علما أن غالبية المساهمين في الدوريات الأوروبية الأربعة الكبرى أجانب أيضا، وتشذ ألمانيا عن القاعدة باعتبار أن أنظمة الاستثمار لا تمنح أكثرية الأسهم للأجانب. دخل إضافي ستدخل نحو 10 مليارات يورو إضافية من بدل حقوق البث الخارجي صناديق الأندية، مما يشكل حالة مطمئنة على رغم الحذر والترقب والإحاطة للمستقبل بعد "البريكزيت" البريطانية. يوضح مؤلف كتاب "اقتصاد كرة القدم المحترفة" باستيان دورت أن "التخوف من فرض كوتا على تعاقدات الأندية مستقبلا في ضوء قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي" دفع بالأندية إلى هذه الحماسة والشراهة"، خصوصا مع تخطي الإنفاق ال1.1 مليار دولار العام الماضي. وفي ضوء ما تقدم، سيحصد متذيل الترتيب في اختتام موسم 2016 - 2017 مبلغ 155 مليون يورو، أي أكثر من مجموع ما تجنيه أندية أوروبية عدة مجتمعة. في حين بلغت عائدات أرسنال التلفزيونية 120 مليونا. صفقات جذابة يشير خبراء إلى أن أندية، مثل مانشستر يونايتد وتشلسي، تريد التعويض فحصنت صفوفها واحتاطت. لذا، لم يكن مستغربا إنفاق اليونايتد 42% من قيمة الانتقالات الصيفية وفقا لموقع "سبريدتكس" الإلكتروني، علما أن الناديين لن يخوضا مسابقة دوري الأبطال، لكنهما بنيا تشكيلتين جذابتين جماهيريا وبالتالي إعلانيا. ولأن التشكيلة وواقع التحديات يفرضان فريقا من 25 عنصرا من مستوى متقدم جدا، يكون التركيز على استقطاب لاعبين فتيين متمكنين أمثال الفرنسي بول بوجبا العائد إلى يونايتد في مقابل 120 مليون يورو. عائدات النقل اشترت "سكاي سبورت" حقوقا للموسم الحالي ب1.63 مليار يورو (126 مباراة) و"بي تي" (بريتش تيلفيجين) ب370 مليونا (42 مباراة). ويوفر هذا العقد للشبكتين مدخولا أكيدا من 12.5 مليون مشترك بخدمات التلفزة عبر الكابل والإنترنت لمشاهدة مباريات كرة القدم وتحديدا ال"بريمييرليج". وهي ثروة بحد ذاتها إذا ما قارنا مثلا بين الإنفاق البريطاني والفرنسي على هذا الصعيد، إذ إن معدل إنفاق الأول يبلغ 97 يورو موسميا في مقابل 53.89 يورو يقتطعها الثاني لهذه الغاية. مدربون كبار في عوالم المدربين يجمع البريمييرليج أسماء حصدت 67 لقبا كبيرا، أبرزها الإسباني جوارديولا والبرتغالي جوزيه مورينيو والفرنسي أرسين فينجر والألماني يورجن كلوب والإيطالي أنطونيو كونتي. لكن في مقابل الإنفاق الكبير الذي بلغ 1.54 مليار دولار في الميركاتو الصيفي، رقم قياسي، بزيادة مقدارها 34% عن الموسم السابق. لفت دان جونز المسؤول في "سبورتس بيزنس" التابعة ل"ديلويت" للتحليل المالي، إلى أن الأرقام تسجل قفزات للعام الرابع على التوالي. من جانبه، عزا المدير الأعلى للشؤون الرياضية في "ديلويت" أليكس ثورب السبب الكامن خلف الصفقات الضخمة التي أبرمت في البريمييرليج إلى "العوائد الضخمة المتوقعة من الإنفاق الجديد لحقوق البث التلفزيوني التي شجعت الأندية على مزيد من الاستثمارات في سوق الانتقالات". فقد رصدت استثمارات تفوق قيمتها 6 ملايين يورو لبث المباريات حتى عام 2019، أي بزيادة 71%، في مقابل 230 مليون يورو خصصت كحقوق في الحقبة الأولى لاعتماد البريمييرليغ (1992 - 1997).