شهدت منطقة "بن قردان" بالجنوبالتونسي خلال هذا الأسبوع حالة احتقان كبيرة نتيجة مقتل أحد الشباب المتورطين في عمليات التهريب برصاص الوحدات العسكرية في المنطقة العازلة على الحدود التونسية الليبية، تمثلت في تنظيم مسيرة جابت وسط مدينة "بن قردان"، تندد بسياسة الوحدات الأمنية في التعامل مع المهربين. وشملت التحركات الاحتجاجية حرق عدد من آليات ومعدات الشركة التي تتولى إنجاز الطريق الرابط بين مدينة مدنين و"بن قردان"، بالإضافة لإغلاق الطريق المؤدي لمقر الشركة. وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع التونسية العقيد بلحسن الوسلاتي، أن سيارات التهريب لم تتجاوب مع تعليمات التوقف، والطلقات التحذيرية في الهواء التي أطلقتها الوحدات الأمنية لدى اقترابها من المكان، مشيرا إلى أن المهربين القادمين من ليبيا قاموا برد الفعل وأطلقوا النار على الدورية قبل عودتهم إلى الأراضي الليبية. حلول توافقية يعيش معظم أبناء هذه البلدة الحدودية على تجارة السلع بين تونس وليبيا، والتي تعد مورد الرزق الوحيد لأهالي المنطقة، في الوقت الذي تنعدم فيه مظاهر التنمية، وترتفع نسب البطالة فيها بين الشباب، حيث اعتصم المعطلون وسط المدينة، وطالبوا فيه الاتحاد المحلي للشغل بمدينة "بن قردان"، بتبني فكرة تنفيذ إضراب عام بالجهة، احتجاجا على تكرار حوادث القتل المسجلة في صفوف الشباب الممتهن للتجارة الحدودية. وفي ذات السياق، دعا الاتحاد المحلي للشغل ب"بن قردان" في بيان له الحكومة، إلى تغيير - ما وصفه - بأسلوب القتل المباشر للتجار عبر الحدود الليبية. كما أفضى اجتماع بين والي المدينة وبعض مكونات المجتمع المدني إلى النظر في إمكانية وقف إطلاق النار على الأشخاص المهربين، والعمل على إيجاد حلول توافقية لإعادة انسياب السلع من ليبيا عبر المنافذ الحدودية المعتمدة، بالتشاور مع الجانب الليبي في هذا المجال.
استغلال الوضع بالتزامن مع الاحتجاجات في الجنوبالتونسي، حذر وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لو دريان أخيرا، من أن تكون مدينة "بن قردان" جنوبتونس قبلة لتنظيم داعش، الذي تم دحره من المناطق المسيطر عليها في ليبيا. وأضاف لو دريان "إنه سيتسبب ذلك ولو بشكل غير مباشر، بمخاطر جديدة لتونس ومصر"، مستغربا من الدول المجاورة لليبيا، في عدم إيجادها لحلول تسيطر من خلالها على طرق دحر الإرهابيين، وذلك بعد السيطرة على معاقلهم في ليبيا. وكانت هذه المدينة الحدودية، قد شهدت في شهر مارس الماضي محاولة فاشلة للسيطرة عليها من قبل عناصر منتمية لتنظيم داعش المتطرف، وذلك بهدف إعلانها إمارة في تونس -على حد زعمهم- بعد مدينة سرت في ليبيا، الأمر الذي نتج عنه مقتل 40 عنصرا، وإصابة 13 آخرين بين عسكريين ومدنيين.