برزت في الآونة الأخيرة في واحة الأحساء الزراعية ظاهرة التستر على عمالة المزارع والمساحات الزراعية الصغيرة في الواحة، من خلال قيام مالكيها بتأجير مزارعهم كاملة على عمالة وافدة لمدة موسم زراعي واحد، أو عدة مواسم. وأكد مزارعون في الواحة ل"الوطن" أمس، بروز هذه الظاهرة خلال الموسم الزراعي الحالي، إذ أخذت في الطرح بشكل علني وملفت للجميع، تحت مصطلح "التقبيل"، مشيرين إلى أن هناك تراجعا ملحوظا في أعداد المزارعين السعوديين في واحة الأحساء بشكل كبير خلال الفترة الحالية، نتيجة هذا التصرف غير النظامي، مطالبين جهات الاختصاص بالتدخل. تأجير المزارع أشار المزارع عصام السلمان إلى أن العمالة الوافدة من جنسيات مختلفة، استطاعت أن تغزو المزارع والحيازات الزراعية الصغيرة، وتقنع المزارعين الأحسائيين بالاستغناء عن مزارعهم، وذلك بتأجيرها مقابل مبالغ مالية، موضحا أن واحدة من تلك المساحات الزراعية تم تأجيرها ب62 ألف ريال لموسم زراعي واحد، إذ تبلغ طاقتها الإنتاجية من التمور قرابة 35 طنا "متوسط سعر الطن الواحد 1770 ريالا"، وهو سعر منخفض جدا بالنسبة للمزارع مقارنة بجودة المحصول. ولفت إلى أن المستفيد من ذلك "التقبيل"، هو العامل الوافد، إذ إن سعر البيع لا يقل عن 4 آلاف ريال للطن، وبالتالي يصل إجمالي مبيعات هذه الحيازة من التمور لموسم واحد إلى 140 ألف ريال. دور تكميلي ذكر المزارع محمد السماعيل أن الوافد أصبح بديلا عن المزارع الأحسائي، إذ إن دوره يعتبر تكميليا، ويتمثل في تقديم بعض الإجراءات الرسمية، من بينها استكمال إجراءات توريد التمور إلى مصنع تعبئة التمور التابع لهيئة الري والصرف في الأحساء، بمبلغ يصل إلى 5 آلاف ريال للطن، إذ تستلزم تلك الإجراءات أن يكون المتقدم سعودي الجنسية، وكذلك نقله إلى ساحة المزاد في مهرجان التمور لبيعه في المزاد، موضحا أن استمرار "تقبيل" المزارع سيسهم في تلاشي واختفاء المزارعين المحليين شيئا فشيئا، وانتقال مهنة الزراعة إلى العمالة الوافدة. تأثير سلبي أكد هاشم الصالح أن لهذه الظاهرة تأثيرا سلبيا كبيرا على الاقتصاد الوطني، وتحويل مبالغ مالية من داخل المملكة إلى خارج الوطن، داعيا جميع المزارعين إلى رفض فكرة "التقبيل"، لاسيما أن هناك توجها لوزارة الزراعة ممثلة في هيئة الري والصرف في الأحساء "مصنع تعبئة التمور" لزيادة حصص الشراء من صغار المزارعين بنسبة 100%، لتصل إلى 10 أطنان للحيازة الزراعية بمبلغ 50 ألف ريال، مؤكدا أن أسعار التمور في واحة الأحساء تشهد حاليا ارتفاعا ملحوظا، إذ سجلت بورصة الأسعار في ساحة مزاد مهرجان التمور "الأحساء .. للتمور وطن 2016" أول من أمس سعر المن الواحد "240 كيلوجراما" لصنف الشيشي 4 آلاف ريال، ولصنف الخلاص 3500 ريال. ولفت الصالح إلى أن واحة الأحساء شهدت سابقا عمليات "تقبيل" المزارع والحيازات الزراعية على مزارعين محليين، واستفادة المزارعين السعوديين. أما في الوقت الحالي، ونتيجة لمضايقة العمالة الوافدة، فانتقلت عمليات "التقبيل" إلى العمالة الوافدة بطريقة غير نظامية، ومخالفة لأنظمة الإقامة والعمل، ويخشى منها الغش، علاوة على تحول تلك المزارع إلى مأوى للعمالة المخالفة. وأضاف الصالح أن ما نسبته 50% من إجمالي الحيازات الزراعية في الأحساء، يدخل في نطاق الحيازات الزراعية الصغيرة، التي لا يكمل فيها نصاب الزكاة، فتلك الحيازات التي تستهدفها العمالة، هي حيازات ليست عليها زكاة، وتستفيد من خدمات الإعانة المقدمة لها من المديرية العامة للزراعة في الأحساء، وكذلك التوريد لمصنع التمور.