أسفرت حصيلة عملية اقتحام كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك مساء الأحد الماضي في حي الكرادة وسط العاصمة بغداد عن مقتل ثلاثة وخمسين شخصا فضلا عن منفذي العملية من المسلحين الذين قيل إنهم غير عراقيين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى من الأطفال والنساء. وعلى الرغم من إعلان الأجهزة الرسمية نجاح عملية اقتحام مبنى الكنيسة وتحرير الرهائن من قبل قوة تابعة لجهاز مكافحة الإرهاب بإنزال جوي، إلا أن أهالي المنطقة المحيطة بمبنى الكنيسة أشاروا إلى وجود قتلى داخل القبو، وتجمهروا في مكان الحادث بحثا عن ذويهم الذين حضروا قداس الأحد ولم يعرف مصيرهم بعد. وروت إحدى الناجيات وتدعى أم ميخائيل ل"الوطن" تفاصيل الحادث، فقالت إنه بدأ قرابة الساعة الخامسة من مساء الأحد حيث سمع إطلاق نار وانفجارات "ودخل علينا ثمانية مسلحين مقنعين فتحوا نيران أسلحتهم على المصلين، وإثر ذلك تقدم القس ثائر وزميله وسيم صبيح واستمر إطلاق النار ولم أكن أعرف من سقط قتيلا، وحاولنا الاختباء تحت المقاعد وسط صراخ الأطفال والنساء ممن حضر القداس والبالغ عددهم نحو 100 من مختلف الأعمار". وتابعت "اقتادنا المسلحون إلى القبو وكان مظلما وكتمنا أنفاسنا أربع ساعات لا نسمع خلالها سوى تبادل إطلاق النار وأصوات المروحيات، وفي حدود الساعة العاشرة مساء وبأنوار المصابيح اليدوية توجهنا خارج المبنى وعلمنا بأن قوة عسكرية قامت بإنقاذنا". وخلال تفقده جرحى الحادث في مستشفيي الكندي وابن النفيس ندد ممثل الطائفة المسيحية في البرلمان يونادم كنا بعمليات استهداف الجماعات المسلحة لأبناء طائفته مطالبا الحكومة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية أمن المواطنين، منتقدا في الوقت نفسه تعامل الأجهزة الأمنية مع الحادث الذي تسبب بسقوط أكبر عدد من الضحايا وقال ل "الوطن " إن "الإرهابيين استغلوا الفراغ السياسي وأزمة تشكيل الحكومة باستهداف الكنيسة لإعطاء رسالة بأن الحكومة غير قادرة على بسط الأمن، وهي تتحمل المسؤولية بالحفاظ على حياة مواطنيها "متوقعا تنفيذ حوادث مماثلة. وقال "علمت من مصادر رسمية بأن لديهم معلومات عن نية الإرهابيين تنفيذ عمليات اغتيال مسؤولين واستهداف أماكن عامة". وبحسب شهود عيان فإن المسلحين فجروا قبل اقتحام الكنيسة عبوة لاصقة بسيارة مدنية كانت متوقفة بالقرب من المبنى وأعقبه بدقائق قليلة تفجير سيارة أخرى ثم اشتبكوا مع رجال الشرطة ثم دخلوا إلى الكنيسة. من جانبه أكد وكيل وزير الداخلية حسين كمال مشاركة قوة أميركية في عملية الاقتحام التي استخدمت فيها مروحيات تابعة للجيش العراق. وشهدت بغداد أمس إجراءات أمنية مشددة فقطعت معظم الشوارع العامة والجسور تزامنا مع افتتاح معرض بغداد الدولي برعاية رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي. ويعد حادث اقتحام الكنسية بنظر الخبراء الأمنيين دليلا قاطعا على عجز الأجهزة الأمنية عن الحفاظ على أمن المدنيين واختراقها، وفي هذا الشأن قال الخبير العسكري محمد الخضري ل "الوطن " "إن حادث اقتحام الكنيسة يعطي دليلا ملموسا على فشل الاستراتيجية الأمنية المعتمدة في بغداد وفرض الأمن ليس بانتشار القوات وعدد نقاط التفتيش ولكن بالمعلومات الاستخباراتية القادرة على إجهاض العمليات الإرهابية، وأنا اعتقد بأننا سنشهد حوادث مماثلة في ظل الفوضى الأمنية التي تعيشها العاصمة". وأعلنت دولة العراق الإسلامية ذراع تنظيم القاعدة في العراق مسؤوليتها عن الهجوم "على وكر نجس من أوكار الشرك التي طالما اتخذها نصارى العراق مقرا لحرب دين الإسلام." وذكر التنظيم في بيان نشر على مواقع إسلامية متشددة على الإنترنت أن الهجوم كان عملا ضد الكنيسة القبطية في مصر.