في وقت قررت فرنسا إسناد مهمة إدارة ملف الشؤون الإسلامية إلى مؤسسة المستقبل الثقافية التي يترأسها جان بيير شيفينما، المسيحي الكاثوليكي، بداية من الخريف القادم، عبرت الجالية المسلمة عن غضبها لهذا القرار، كما أثيرت حالة من الجدل انعكست على وسائل الإعلام الفرنسية. وتحت عنوان"تطبيق الإسلام في فرنسا: صداع حقيقي في المجتمع"، نشر موقع صحيفة "أوروبا 1" الإلكترونية، مساء أول من أمس، تحقيقا صحفيا، تناول فيه الجدل الدائر في المجتمع الفرنسي أخيرا بسبب غياب الإشراف الحكومي الحقيقي على ملف الشؤون الإسلامية، واتسام العمل الدعوي الإسلامي بعدم التنسيق، لافتا إلى أن ذلك دفع الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ قرار بنقل إدارة الملف إلى مؤسسة المستقبل الثقافية. ونقل الموقع عن رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس، دعوته لإصلاح نهج الدعوة الإسلامية في فرنسا، وذلك وفقا لمبادئ الجمهورية الفرنسية، مبينا أن هذا الإصلاح يجب أن يكون من خلال مؤسسة معتمدة تعمل على مراجعة الخطاب الإسلامي وتنقيته من المبالغات ودعاوى التطرف، في إشارة إلى مؤسسة "المستقبل الثقافية" التي أنشئت عام 2005، لإدارة وتمويل وتنظيم دور العبادة "لمختلف الأديان" داخل فرنسا. وذكر الموقع، أن هذا الأمر رفضته الجالية المسلمة بفرنسا والعديد من المؤسسات الإسلامية العاملة في مجال الدعوة. تنوع جنسيات الدعاة تطرق الموقع إلى رأي أستاذ العلوم السياسية والخبير في شؤون الإسلام، أوليفييه روي، الذي أكد أن أغلب المشكلات التي طرأت على السطح في فرنسا أخيرا سببها تنوع جنسيات الدعاة المسلمين، واختلاف اللغات والثقافات، وقال "إن خطب الأتراك أقل عاطفية، وتبتعد عن التطرف، لكنها تحرض في بعض الأحيان ضد أصحاب الديانات الأخرى، وهذا أمر لا يصح في دولة أوروبية أغلبيتها من المسيحيين ، كذلك الأمر بالنسبة للدعاة من الجزائر وتونس والمغرب. طرح الملف للنقاش أضاف أوليفييه روي، أن الحكومة الفرنسية رشحت مؤسسة "المستقبل للثقافة" لإدارة الملف الإسلامي، ومراجعة الخطاب الديني، ودمج أكاديميين مسلمين للمؤسسة وفنانين ورؤساء شركات وجمعيات إسلامية، كما ستعتمد مؤسسة المستقبل على جيل شباب المسلمين الذين ولدوا في فرنسا، لنشر الدين الإسلامي وفق القواعد والقوانين، كما سيتولى الدبلوماسي السابق وعضو المؤسسة، كاييه دورسيه"، ملف التخفيف من ضغوط الدول الأجنبية على الجاليات المسلمة في فرنسا. رفض شيفينما حسب موقع "أوروبا 1"، فإنه أمام الجدل الدائر حول إدارة مؤسسة "المستقبل الثقافية" ورئيسها جان بيير شيفينما، لملف الشؤون الإسلامية في فرنسا، أوضح وزير الداخلية والشؤون الدينية، ليونيل جوسبان، أن هذه الخطوة اتخذت تمهيدا لمحاولة تنظيم أمور الدعوة الإسلامية في فرنسا، بعيدا عن التعقيدات التي أثيرت أخيرا، لكن هذه التصريحات لم تهدئ من غضب الجاليات المسلمة في فرنسا، والتي طالبت بتعيين قيادة مسلمة في هذا المنصب ليكون أعلم بشؤون الدين الإسلامي أكثر من شيفينما "المسيحي الكاثوليكي"، كون ذلك أقرب للعقل والمنطق، خاصة أن هناك آلاف الفرنسيين المسلمين القادرين على تولي شؤون هذا المنصب. مركز السلام يرد في تعليقه على ما جاء بموقع " أوروبا 1" ، والجدل الدائر حول تنظيم شؤون الدين الإسلامي في فرنسا، قال مساعد مركز السلام للتعريف بالإسلام بباريس، محمد بدرالدين الزيني، ل"الوطن"، إن المركز والذي يشرف على 109 مساجد بفرنسا وحصل على العديد من الإشادات من الحكومة، قدم عقب أحداث شارلي إبيدو الإرهابية في فبراير من العام الماضي - مذكرة إلى وزارة الداخلية والشؤون الدينية حول تنظيم الشؤون الدينية في فرنسا، واقترح المركز أن يتولى الإشراف على تنظيم شؤون المسلمين بالتنسيق مع الوزارة التي ردت مرحبة بالمقترح دون البت فيه نهائيا. وقال إنه أمام التطورات الأخيرة سيقدم المركز مذكرة جديدة مطالبا الحكومة بالنظر جديا في طلب المركز بتنظيم شؤون المسلمين بدلا من مؤسسة المستقبل الثقافية ، مشيرا إلى أنه سوف تتم مناقشة الأمر مع رئيس الحكومة الفرنسية خلال الأيام القليلة القادمة.