المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي يسجل 2457 جريمة لإسرائيل ضد الفلسطينيين خلال أسبوع    خسائرها تتجاوز 4 مليارات دولار.. الاحتلال الإسرائيلي يمحو 37 قرية جنوبية    شتاء طنطورة يعود للعُلا في ديسمبر    يعد الأكبر في الشرق الأوسط .. مقر عالمي للتايكوندو بالدمام    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل المصري    "إنها طيبة".. خريطة تبرز 50 موقعًا أثريًا وتاريخيًا بالمنطقة    أمير الشرقية يستقبل الرئيس التنفيذي لهيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية    الموافقة على الإطار العام الوطني والمبادئ التوجيهية للاستثمار الخارجي المباشر    رابطة محترفان التنس..سابالينكا تحجز مقعداً في نصف النهائي.. ومنافسات الغد تشهد قمةً بين إيغا وجوف    أمريكا تختار الرئيس ال47.. ترمب أم هاريس؟    الاستخبارات الأمريكية تكثف تحذيراتها بشأن التدخل الأجنبي في الانتخابات    منتدى "بوابة الخليج 2024" يختتم أعماله بإعلانات وصفقات تفوق قيمتها 12 مليار دولار    كيف يعود ترمب إلى البيت الأبيض؟    محافظ الخرج يستقبل مدير عام فرع هيئة الأمر بالمعروف بالرياض    انعقاد مؤتمر الأمراض المناعية في تجمع عالمي وطبي    أطفال اليمن يتألقون بتراثهم الأصيل في حديقة السويدي    أمين عام رابطة العالم الإسلامي يرأّس اجتماع المؤسسة الثقافية الإسلامية بجنيف    "الصناعة والثروة المعدنية" تعلن فوز 11 شركة محلية وعالمية برخص الكشف في 6 مواقع تعدينية    الطائرة الإغاثية السعودية ال19 تصل إلى لبنان    مركز مشاريع البنية التحتية بالرياض يشارك في المنتدى الحضري العالمي الثاني عشر بالقاهرة    توقعات بهطول الأمطار الرعدية على 5 مناطق    المملكة تثري الثقافة العربية بانطلاق أعمال مبادرتها "الأسبوع العربي في اليونسكو" في باريس    إشكالية نقد الصحوة    أرباح «أرامكو» تتجاوز التوقعات رغم تراجعها إلى 27.56 مليار دولار    الاتفاق يواجه القادسية الكويتي في دوري أبطال الخليج للأندية    المملكة تستحوذ على المركز الأول عالمياً في تصدير وإنتاج التمور    تركيا: نستهدف رفع حجم التجارة مع السعودية إلى 30 مليار دولار    «التعليم»: 5 حالات تتيح للطلاب التغيب عن أداء الاختبارات    «جاهز للعرض» يستقطب فناني الشرقية    الأسمري ل«عكاظ»: 720 مصلحاً ومصلحة أصدروا 372 ألف وثيقة    الاختبارات.. ضوابط وتسهيلات    الهلال يمزق شباك الاستقلال الإيراني بثلاثية في نخبة آسيا    إعادة نشر !    المحميات وأهمية الهوية السياحية المتفردة لكل محمية    «DNA» آخر في الأهلي    سلوكيات خاطئة في السينما    العلاج في الخارج.. حاجة أم عادة؟    غيبوبة توقف ذاكرة ستيني عند عام 1980    " المعاناة التي تنتظر الهلال"    في الجولة الرابعة من دوري أبطال أوروبا.. قمة بين ريال مدريد وميلان.. وألونسو يعود إلى ليفربول    تنوع تراثي    الأمير تركي بن طلال يستقبل أمير منطقة الجوف    الأمير عبدالعزيز بن سعود يتابع سير العمل في قيادة القوات الخاصة للأمن والحماية    زرًعِية الشبحة القمح العضوي    نحتاج هيئة لمكافحة الفوضى    ربط الرحلات بالذكاء الاصطناعي في «خرائط جوجل»    مسلسل حفريات الشوارع    كلمات تُعيد الروح    قصص من العُمرة    للتميُّز..عنوان    لماذا رسوم المدارس العالمية تفوق المدارس المحلية؟    الاستقلالية المطلقة    تشخيص حالات نقص افراز الغدة الدرقيه خلال الحمل    النظام الغذائي المحاكي للصيام يحسن صحة الكلى    سعود بن بندر يهنئ مدير فرع التجارة بالشرقية    السعودية تؤكد دعمها لجهود التنوع الأحيائي وتدعو لمؤتمر مكافحة التصحر بالرياض    أمير تبوك يستقبل القنصل البنجلاديشي لدى المملكة    مقال ذو نوافذ مُطِلَّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمود عزب: العلمانية ليست خروجاً على الإسلام
نشر في المدينة يوم 15 - 10 - 2010

يعد الدكتور محمود عزب مستشار شيخ الأزهر لشؤون الحوار وأستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة السوربون بفرنسا أحد علماء الأزهر الذين استوطنوا فرنسا منذ أكثر من أربعين عاماً، حتى أصبح أحد أركان العمل الإسلامي في الغرب بشكل عام وفرنسا بشكل خاص، واليوم يعود إلى الأزهر ليحقق حلمه بمساعدة شيخ الأزهر في إنشاء مركز عالمي للحوار بالأزهر. وفي حواره ل "الرسالة" أكد عزب أن المركز العالمي للحوار بالأزهر سيدير عملية الحوار مع الآخر ويقبل الحوار مع الجميع بما فيهم اليهود، أما الصهاينة والإسرائيليين فلا حوار معهم وهم يمثلون خطاً أحمر.
وأضاف أنه يوجد سوء تفاهم متبادل سببه بعض أفعال المسلمين، كما أن الغرب مسؤول أيضا عنها، وهناك موجة في العالم كله للتخويف من الإسلام صنعتها أوروبا وصنعناها معها، مشيراً إلى أنه يمكن للجاليات الإسلامية أن تصحح الصورة عن الإسلام من خلال إنشاء جمعيات إسلامية تعمل في هدوء وتفاهم وتواصل مع المجتمع الغربي، وإظهار الإسلام بصورته الحقيقية كدين يقبل الآخر ولا يصطدم معه، وأن يضربوا المثل كعنوان إيجابي للإسلام ومبادئه، وأن يقبلوا بشروط المواطنة في أوروبا.
واعتبر أن أزمة النقاب في فرنسا قضية هامشية شغلت المسلمين في فرنسا فتركوا قضيتهم الأساسية التي تؤصل حقهم في المشاركة السياسية الفاعلة المبنية على المواطنة الحقيقية، وأنه يجب على المجتمع المسلم في فرنسا أن يعمل على تجذير وجوده في فرنسا وألا يشغل نفسه بهذه القضايا الفرعية. وفيما يلي تفاصيل الحوار
كنت من أوائل المنادين بإنشاء مركز عالمي للحوار بالأزهر حتى تحقق على أرض الواقع فما الذي يمكن أن يضيفه هذا المركز خلال الفترة المقبلة؟
المركز العالمي للحوار بالأزهر سيتولى عملية إدارة الحوار مع الغرب على أسس علمية وحضارية تحقق الندية والتعايش السلمي والسلام الإنساني، ويجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة لإنشاء المركز ليتولي القيام بمهام وضع آليات ونشاط الحوار بين الأزهر ورجال الثقافات الأخرى ويكون البديل النشط والموسع للجنة حوار الأديان بالأزهر، سيتم التركيز علي القيم الإنسانية المشتركة من الحق، والعدل، والمساواة، وكرامة الإنسان، ومنع الظلم، ومحاربة الجهل والفقر والمرض، والدعوة للخير والجمال، وهذه الأسس جميعها مشتركة بين الجميع، والإسلام دعا للحوار من أجلها. أما العقائد وثوابت الأديان فلا حوار حولها، وسيكون هناك تعاون مثمر بين المركز والرابطة العالمية لخريجي الأزهر حتى يمكن توظيف إمكانيات خريجي الأزهر المنتشرين في العالم لترسيخ القيم الإسلامية والإنسانية ودفع مسيرة الحوار البنَّاء بين أتباع الأديان والثقافات الأخرى، كما أن المركز سيتحاور مع الآخر من رجال الدين المسيحي، ولا مانع من الحوار مع رجال الدين اليهودي، ولكن لن يتحاور مع الصهاينة فهذا خط أحمر في حوارنا مع الآخر، فإننا نتحاور مع الآخر أياً كان إلا الحوار مع الصهاينة الذين لا يعرفون لغة الحوار، وابتعدوا عن القيم واغتصبوا أرض الغير، واعتدوا علي حرماته وهدموا القيم التي نتحاور من أجلها، والمركز لن يتحاور مع المتطرفين اليهود الذين لا يعرفون قيمة الحوار، لأن الحوار مع المتطرف غير مجد على الإطلاق سواء كان هذا المتطرف مسيحيا أو يهوديا أو حتى مسلم، والحوار هو لغة العصر الحالي ولغة المستقبل التي لا مفر منها ومن يبتعد عن لغة الحوار لن يلحق بالركب الحضاري، لان الحوار مع الآخر أصبح "قدر" المرحلة الحالية والقادمة، ولذلك فإن الأزهر يأخذ على عاتقه إدارة مستقبل الحوار الحضاري خلال الفترة المقبلة لتحقيق الاستقرار الإنساني.
حوار خارجي وداخلي
هل سيقتصر المركز في حواره مع الآخر على الغرب أم أن هناك مهام أخرى له في الداخل الإسلامي؟
الحوار الذي سيقوم به المركز العالمي سيكون متعدد المحاور؛ محور خارجي مع أتباع الأديان السماوية الأخرى، وسيكون من أجل البحث عن القواسم المشتركة، والوصول إلى السلام الإنساني المنشود انطلاقاً من ثوابت وتعاليم الإسلام، ومحور داخلي ذاتي في الداخل الإسلامي مع الأخر المسلم المختلف معنا في المذهب لا العقيدة مثل الشيعة وغيرهم، ومحور رابع وهو الحوار مع الأخر المختلف معنا في الدين داخل الأوطان الإسلامية لتحقيق التعايش السلمي في العالم العربي والإسلامي، ولن يقتصر المركز في حواره مع أتباع الأديان السماوية فقط بل إنه لا مانع لدينا من الحوار مع العلمانيين وغير الدينيين لتحييدهم وقرع حججهم وعدم إثارة الفتنة في الداخل الإسلامي، ولن نسمح بحدوث الفوضوية في الحوار خاصة مع الآخر، ولن نسمح لأحد أن يملي علينا شروطاً في الحوار، وإذا لم يقم هذا الحوار على الندية والتكافؤ فلا حاجة لنا به.
تصحيح صورة الإسلام
كيف يمكن استثمار المركز لتقديم الفكر الإسلامي الصحيح من خلال الحوار؟
العالم الإسلامي بشكل عام سوف يستفيد من المركز في حواره مع الآخر، وسيضم بين أعضائه مفكرين إسلاميين لهم علاقة بالغرب، ونحن في حاجة ماسة لمثل هذا المركز، بعد أن تركنا دستور الخطاب الإسلامي لهواة لا يعرفون شيئًا وفتحنا لهم القنوات الفضائية يقولون فيها ما يريدون، خاصة وأن العلماء المستنيرين في العالم الإسلامي عامة والذين يعيشون في الغرب بشكل خاص يملكون وسائل فعالة للقضاء على هذه الصورة المغلوطة عن الإسلام، ففي فرنسا مثلاً يقيم المسلمون كل عام في ضواحي باريس مهرجانًا عالميًا، غير أننا لا نحسن استغلاله، إذ يقدم فيه شيوخ متطرفون صورة خاطئة عن الإسلام للشباب الفرنسي، لذلك يجب إعداد جيل من المحاورين المسلمين قادرين بالفعل على إدارة حوار متكافئ مع الآخر وسيكون هذا المركز نواة طيبة لإعداد هذا الجيل.
الحوار مع المستشرقين
هل من الممكن أن ينسحب الحوار أيضاً إلى المستشرقين خاصة غير المنصفين للوقوف على أخطائهم وتصويبها؟
هذا هو الواقع، وكانت لي تجربة مع مستشرق اسمه جان بيرك وهو فرنسي وقد ترجم معاني القرآن منذ سنوات، ووقتها أثيرت في مصر ضجة صحفية اتهمت هذا الرجل بأنه عدو القرآن، مع أن من وجَّه هذه الاتهامات لم يقرأ الترجمة ولا يفهم الفرنسية، وكنت في هذا الوقت مسؤولاً لدى شيخ الأزهر الشيخ جاد الحق كما كنت مسؤول لدى مجمع البحوث الإسلامية عن مراجعة ترجمات معاني القرآن الكريم باللغتين الفرنسية والعبرية، وقد حول لي الشيخ جاد الحق طلب بدراسة ترجمة بيرك فدرستها وقرأتها قراءة جيدة، وقد ساعدني في ذلك أولادي كما قمت بمقارنتها بترجمات أخرى مجازة في العالم الإسلامي، وقمت بعمل ملف نقدي أبرزت فيها الجوانب الإيجابية والعيوب، وقد تضمنت عيوبًا كثيرة ناتجة عن نقص في المعرفة ثم أعطيت الملف لشيخ الأزهر، وقلت له: أنا أعرف بيرك وهو ليس عدوًا للمسلمين، وهو عضو شرفي في مجمع اللغة العربية بالقاهرة، كما وقف مع الجزائر إبان ثورتها ضد بلده فرنسا. وقد نشر بيرك إثر الهجمة ضده مقالًا في صحيفة اللوموند الفرنسية أعرب فيها عن استيائه، وأن المسلمين يشنون ضده حملة شعواء، فرددت عليه بمقال آخر في اللوموند، وأوضحت له أن هذا ليس موقف الأزهر وأن الأزهر لا يحكم إلا بعد دراسة متأنية، كما قلت في المقال أنني قمت بعمل دراسة حول ترجمته ثم أرسلت له برسالة فرد علي معترفاً أن الحق معي في 150 ملاحظة، وأنه سيقوم بتغييرها.
تراجع العلوم الإنسانية
ما هي أسباب تراجع العلوم الإنسانية في العالم العربي والإسلامي؟
الحقائق العلمية تؤكد أن العالم الإسلامي متخلف لأن العلوم الإنسانية فيه متخلفة، فالأدب والفلسفة والفقه وعلم الشريعة والأجناس والقانون وتاريخ الأديان المقارن وعلمي النفس والاجتماع لدينا علوم متخلفة لا تتحرك إلى الأمام في الوقت الذي سبقنا العالم كله فيها، وإننا في داخل العالم الإسلامي منذ ربع قرن ونحن نصمم على الحديث عن طقوس الإسلام ليل نهار ونختصر الإسلام فيها و ليس هذا المفهوم الحقيقي للإسلام، فكثرة الحديث عن شيء معناه أنه مفرغ من القيم، وهذا ليس بصحيح،فالإسلام ليس لحية رجل ولا حجاب امرأة ولا مائدة رحمن ولا قراءة قرآن.
الإتجار بالدعوة
ظهر على الساحة الإسلامية خلال الأعوام الأخيرة جيل من الدعاة يهتم بالمظهر ويبتعد كثيراً عن جوهر الإسلام فكيف تنظر إلى هذه الظاهرة؟
هؤلاء الدعاة حولوا الدعوة الإسلامية إلى تجارة، ووسيلة لتحقيق مكاسب مادية مهملين الجوانب الأصولية في الفكر الإسلامي المستقيم المبتعد عن المظاهر، فهم يركزون على الأثر المظهري دون التطرق إلى تعليم العقول، ما أدى إلى سهولة استقطاب الشباب للعقائد الشاذة وأفكار جماعات عبدة الشيطان والإيموز، فتم تغييب الدعاة الفاعلين عن عمد في وسائل الإعلام والفضائيات وتم إبراز هؤلاء الذين يحصرون الإسلام في مظاهر لا تغني ولاتسمن من جوع، والعالم اليوم خاصة الغرب ينتظر من المسلمين تقديم فكر تاريخي بصورة واقعية، ولكن للأسف فإن البضاعة تأتيهم رديئة في صورة دعاة وأئمة لا يعرفون أصول ومناهج الإسلام الحديثة، فقط يتحدثون عن إسلام العصور الوسطى وكأن الإسلام لا يتفاعل مع التطورات الحديثة في العصر الراهن.
النقاب الفرنسي
كيف تنظر إلى الحظر الفرنسي للنقاب وهل يمثل هذا الأمر قضية أساسية بالنسبة للمسلمين في فرنسا؟
أزمة النقاب في فرنسا قضية هامشية، وللأسف الشديد شغلوا بها وتركوا قضيتهم الأساسية التي تؤصل حقهم في المشاركة السياسية الفاعلة المبنية على حقوق المواطنة الحقيقية، كل هذا يؤدي إلى النظرة السلبية للإسلام من قِبل الغرب كانعكاس لسلوك المسلمين. وقضية النقاب في عمومها مختلف عليها بين العلماء المسلمين أنفسهم والرأي الغالب فيه أنه عادة وليس عبادة ومن ثم فترك المسلمة الفرنسية له أفضل. ويجب على المجتمع المسلم في فرنسا أن يعمل على تجذير وجوده في الأراضي الفرنسية ولا يشغل نفسه بهذه القضايا الفرعية.
نظرة الغرب للإسلام
بصفتك تعيش في الغرب من أكثر من 40 عاماً كيف ترى نظرة الغرب للإسلام والمسلمين في الوقت الحالي؟
هذه النظرة يمكن ترجمتها من خلال وصف الغرب الدائم للمسلمين بالإرهاب‏,‏ والتطرف والتشدد والتعصب وجاء ذلك نتيجة التخلف الحضاري الموجود لدينا منذ سنين ولكن التخلف كما تعتقد العديد من وسائل الإعلام، ولكن قصر التخلف علي نقص الإمكانات والتكنولوجيا والعلم الحديث خطأ كبير لأننا نستطيع شراء كل ذلك، ففي دول الخليج توجد حضارة أفضل من الموجودة في أوروبا وأمريكا ولكنها ما زالت حضارة المباني الشاهقة والاستهلاك التكنولوجي وليست حضارة إعمار وتقدم الإنسان نفسه، ولذلك سيظل الغرب ينظر إلى العالم العربي والإسلامي على أنه مجرد أرض خصبة لاستهلاك منتجاته وليس قادراً على إنتاج الحضارة الإنسانية، وهناك سبب أخر جوهري يكمن فينا نحن هو أن العالم الإسلامي يعاني أزمة دينية شديدة أخطر ما فيها فوضي الخطاب الديني، فأكثر من‏99%‏ من الذين يتحدثون في الدين غير مؤهلين وغير دارسين، بالإضافة إلي أن عددا كبيرا من الدارسين للإسلام لا يعرفون المناهج الحديثة لفهم الإسلام وهي ليست إلغاءً للفكر والتاريخ‏.‏
العلمانية ليست كفراً
أنت صاحب فكر مختلف عن العلمانية فأنت من القلائل الذين يقولون أنها لا تعادي الدين فما تعليقك ؟
أنا لا أدافع عن العلمانية لكنى أراها ليست ضد الإسلام وهى بيئة صالحة جداً لأن يعيش فيها الإسلام، والمشكلة أن الناس ترى أن العلمانية فصل الدين عن الحياة وهذا لا أرضاه لكنى أرى فصل الدين عن الدولة بمعنى ألا تستخدم الدولة كستار لتحقيق أغراض سياسية، وهذا دأب الحكومات الإسلامية منذ العهد الأموي، فالإمام بن حنبل تم جلده وسجنه وتعذيبه لرأيه المخالف في قضية خلق القرآن، والحقيقة أن هذه القضية تم استغلالها لإغراض سياسية، والبعض منا يجهل هذه الأسباب، وهى رغم أن الخلافة الإسلامية كانت غنية جداً كان هناك نوع من الظلم وفقراء مسحوقون وكان ابن حنبل وليا لعامة الفقراء، والدولة خافت منه حتى لا يشعل نار الثورة على الخلافة، ومن هنا تم توظيف الأغراض السياسية تحت عباءة الدين.
--------------------------------
نحن والغرب مسؤولون عن تنامي ظاهرة الخوف من الإسلام
يوجد سوء تفاهم متبادل سببه بعض أفعال بعض المسلمين، والغرب مسؤول أيضاً عنها، وهناك موجة في العالم كله من التخويف من الإسلام صنعتها أوروبا وشاركناها في ذلك، فلقد صنعت أوروبا الخوف من الإسلام بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، حيث كان لا بد أن يوجد الآخر المواجه لأوروبا فقيل إنه سيكون الإسلام، وذلك في الوقت الذي نشأت فيه حركات تطرف، وقالت أوروبا من وقتها: هذا هو الإسلام، وما ساعد على ذلك هو سكوت المسلمين وكأنه حقيقة، ومن بين الأسباب كذلك أن باحثي أوروبا لا يرون ما يحدث بشكل موضوعي في العالم الإسلامي، وهذا يدعمه وجود تعميم في أن الغرب كله أسود وأنه ضد الإسلام، فلا نحاول الاتصال به بشكل جيد لشرح وجهة نظرنا، كما أننا لا نمارس النقد الذاتي، وهذه حالة مرضية لا بد أن نخرج منها. ولمعالجة هذه الأزمة يجب علينا أن نفهم الآخرين بلغتهم ومنطقهم وثقافتهم حتى يفهمونا بثقافتنا ومنطقنا، وأن نفرق بين الإعلام والدولة، حيث يعيش إعلام الغرب حالة من الفوضى تجاه التعرف الحقيقي على الإسلام، بينما في الجامعات الغربية هناك نقد علمي موضوعي صحيح للإسلام والمسلمين، ويجب استغلال الجاليات الإسلامية في أوربا والغرب لتصحيح صورة الإسلام، لأن الجاليات الإسلامية في أوروبا أحسن فهماً وتعبيراً عن الإسلام للعالم الأوروبي من العالم الإسلامي لأنهم على أرض الواقع، ولكن عليهم ألا ينقلوا أنظمة بلادهم الثقافية والحياة اليومية التقليدية، والخلط بينها وبين الدين، وهو ما يتسبب في تزايد الرفض للإسلام، خاصة فيما بتعلق بالمظهر العام،يمكن للجاليات الإسلامية أن تصحح الصورة عن الإسلام من خلال إنشاء جمعيات إسلامية تعمل في هدوء وتفاهم في التواصل مع المجتمع الغربي، وإظهار الإسلام بصورته الحقيقية كدين يقبل الآخر ولا يصطدم معه، وأن يضربوا من أنفسهم مثالا كعنوان إيجابي عن الإسلام ومبادئه، كما على الجالية الإسلامية أن تقبل بالمواطنة في أوروبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.