فيما تبذل المملكة جهودا مقدرة لإنجاح مفاوضات السلام الخاصة بالقضية اليمنية، وسعيها الدؤوب لتذليل الصعوبات التي تعترض سبيل مشاركة الحكومة الشرعية، وتمسكها بالهدنة التي تم التوصل إليها لوقف العمليات العدائية على الحدود الجنوبية، رغم الاختراقات المتكررة التي تقوم بها ميليشيات الحوثيين، تسعى إيران في المقابل إلى نسف المفاوضات من الأساس، عبر تحريض الانقلابيين الحوثيين وحليفهم المخلوع، ودفعهم لمواصلة القتال، ووضع المتاريس أمام أي محاولة للتوصل إلى حلول سياسية، وهو ما أثبته كثير من المراقبين المتابعين لسير المفاوضات. وكان وفد الحكومة الشرعية قد تقدم بشكوى رسمية للمبعوث الدولي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بسبب وجود عناصر إيرانية، تعمل على إجهاض محاولات التوصل إلى سلام حقيقي، وإغراء الوفد الانقلابي بين كل فترة وأخرى بالتراجع عن الالتزامات التي سبق أن تعهدوا بها، في محاولة لاستفزاز وفد الحكومة الشرعية ودفعه إلى مغادرة الكويت ومقاطعة جلسات الحوار. وتثبت المبعوث الدولي من صحة الشكوى وقام بدوره بإبلاغ الجانب الكويتي، الذي منع اقتراب أي طرف ثالث من محيط قصر بيان الذي تجري فيه جلسات الحوار. اللعب بورقة الطائفية سعت إيران كذلك إلى إشعال الفتنة الطائفية، كمدخل لتأجيج الأوضاع، عبر وقوفها وراء تفجير أحد المساجد التي يؤمها الشيعة في عزلة الصراري بمديرية صبر الموادم، التي تم تحريرها أخيرا بواسطة المقاومة الشعبية والجيش الوطني، ونقلت مصادر إعلامية عن شهود عيان قولهم إن عناصر تابعة للجماعة الانقلابية أقدموا قبيل تطهير المنطقة من فلولهم على تفخيخ المسجد تمهيداً لتفجيره. وإن الثوار حاولوا بعد إدراكهم المخطط التعامل مع المتفجرات وإبطال مفعولها، إلا أنها انفجرت قبل نزعها، مما أدى إلى استشهاد أحد عناصر المقاومة الذي كان يحاول إزالتها. وربطت المصادر بين هذه الواقعة، وما حدث في العراق قبل سنوات عديدة، عندما أقدمت عناصر طائفية مرتبطة بإيران على تفجير المرقدين، في مسعى لإيجاد مبررات تسوغ اتخاذ إجراءات انتقامية بحق المواطنين السنة، مشيرة إلى أن هذا هو الأسلوب الذي تتبعه إيران لتأجيج النزعات المذهبية التي تتمكن عبرها من تحقيق أهدافها. تهريب الأسلحة للميليشيات لم تتوقف محاولات إيران تخريب المفاوضات، وإطالة أمد الأزمة عند هذا الحد، بل سعت إلى حث الانقلابيين على مواصلة الانقلاب، وعدم التجاوب مع جهود حل الأزمة، وحاولت مرارا تهريب الأسلحة وإيصالها للميليشيات، إلا أن المراقبة التي تفرضها قوات التحالف العربي على شواطئ اليمن ومياهه الإقليمية نجحت في إفشال تلك المحاولات، كما ضبطت سفن حربية أميركية وبريطانية وأسترالية العديد من الزوارق والسفن المحملة بالأسلحة والصواريخ والعبوات الناسفة، مما دعا الولاياتالمتحدة إلى تقديم شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي، ضد النظام الإيراني، ودعت إلى معاقبة طهران، وإرغامها على وقف تدخلاتها السالبة في الشأن اليمني. كذلك قامت الحكومة الشرعية بتقديم ملف متكامل إلى الأممالمتحدة، يحوي اعترافات أطقم تلك السفن، بتورطهم مع عناصر إيرانية في محاولات تهريب الأسلحة. كذلك يسارع مسؤولون إيرانيون على إطلاق تصريحات سلبية، بين فترة وأخرى، خلال استئناف المفاوضات، لتوصيل رسائل سياسية للانقلابيين، وتحريضهم على إبداء المزيد من التعنت.