عمر العمري تؤكد الدراسات والبحوث العلمية أن الطالب في بداية حياته الأكاديمية يواجه مشكلات متعددة لعدة أسباب من بينها قلة الخبرة والتجربة، ويحتاج معها إلى مرشد متخصص يستنير برأيه، وتبقى هذه الحقيقة مع الإنسان في جميع مراحل نموه، فهو يواجه في كل مرحلة متاعب ومشاكل وفترات حرجة، ومواقف صعبة يتمنى أن يجد العون والمساعدة في حل هذه المشكلات، فتظهر الحاجة للتوجيه والإرشاد لتحقيق التوافق والتوازن المنشود. ويعد التعليم الجامعي مرحلة انتقالية جديدة في حياة الطالب؛ حيث ينتقل إلى مرحلة تعليمية تختلف في معلمها ونظامها وأسلوب تعليمها عن المراحل الدراسية السابقة. وعند الانتقال إلى هذه المرحلة فإن الطلاب يختلفون فيما بينهم في درجة التكيف والتوافق مع هذه المرحلة الدراسية الجديدة، فقد تصطدم الحاجات الذاتية مع متطلبات المرحلة الجامعية مما يؤدي إلى سوء التكيف وبروز عدد من الصعوبات أو المشكلات التي قد تؤثر بصورة أو بأخرى في دراستهم الجامعية. ومن هنا يبرز دور الإرشاد الأكاديمي كركيزة أولى لمسيرة الطالب المستجد في حياته الجامعية التي سيقبل عليها، فتوجيه الطالب وتقديم الخدمات الإرشادية ومساعدته في هذه البيئة الجديدة، وإعداد وتسجيل المواد الأكثر ملاءمة، له كلها عوامل تساعده في التكيف مع الدراسة الجامعية ومتطلباتها، لأن معرفة الطالب الجامعي بالنظم واللوائح المنظمة للعملية التعليمية داخل الجامعة تعتبر إحدى الوسائل التي تساعده على اجتياز سنواته الدراسية دون حدوث مشاكل أو عقبات. ويكتمل دور الإرشاد الأكاديمي في تفعيل العلاقة بين الطالب وأعضاء هيئة التدريس والمقررات الدراسية والبيئة.. وغيرها، وذلك عن طريق توفير المعلومة المناسبة له وفق ما يحتاجه، وشرح الخطط الدراسية والقواعد السلوكية وأنظمة الشؤون الطلابية، وما توفره الجامعات من مجالات وفرص دراسية وتخصصات بما يتناسب مع قدرات الطلاب وإمكاناتهم، وتوافق ميولهم ورغباتهم، وكذلك معاونتهم على السير في المقررات الدراسية بأفضل طريقة ممكنة، والتغلب على ما يعترضهم من عقبات، مستفيدين إلى أقصى درجة من الخدمات والإمكانيات المتاحة. ويُعد الإرشاد الأكاديمي أحد الخدمات الهامة التي تؤثر إيجاباً في نمو الطالب معرفياً وأكاديمياً ومهنياً، وحاجة ماسة في ظل المتغيرات البيئة الجامعية لكي تضيء له الطريق وتساعده على التكيف، وتزوده بالمعلومات والمهارات التي تمكنه من تحسين تحصيله العلمي وتمنحه القدرة على التقدم. ولكن مازال الإرشاد الأكاديمي في معظم الجامعات يواجه الكثير من التحديات والعقبات. وتتراوح هذه التحديات بين عدم وجود أنظمة رسمية للإرشاد الأكاديمي، وضعف فاعليته وبالتالي أثره على الطلاب المتقدمين أو المستجدين أو الجامعيين في الكثير من الجامعات، إما لعدم كفاءة القائمين عليه، أو قلة المختصين في مجالات التوجيه والإرشاد وعلم النفس، أو لشدة العبء الدراسي والبحثي على أعضاء هيئة التدريس، أو لعدم وعي الطلاب بأهمية الإرشاد الأكاديمي، وعزوفهم عنه والاستعانة بزملائهم في اختيار التخصصات والمقررات، وعدم وضوح فلسلفة الإرشاد وأهدافه وإجراءاته بالنسبة للطالب وحتى بالنسبة للمرشدين الأكاديميين أنفسهم، وغير ذلك من القضايا الأكاديمية. ومن هنا أصبح الإرشاد الأكاديمي ضرورة حتمية في مؤسسات التعليم العالي، وذلك من خلال حثّ واستقطاب المختصين والمهتمين في مجالات الإرشاد النفسي بتقديم الخدمات الإرشادية بصفة عامة والأكاديمية خاصة للطلاب، من أجل تخطيط البرامج التي تعينهم على تحقيق أهدافهم الأكاديمية وبالتالي المهنية، وما ينتج عن ذلك من الثمار والفوائد التي تنعكس على الفرد والجامعة والمجتمع.