يرى مدير مهرجان الكوميديا الدولي الذي يقام حاليا في أبها المخرج المسرحي "ممدوح سالم" في تصريح إلى "الوطن"، أن مشكلة المسرح السعودي الأساسية تكمن في ارتباط المسرح بالمناسبات والأعياد في أيام محدودة فقط، وأن أكثر ما أضر به جدا هو مجانية دخول الجمهور للعروض المسرحية في جميع مناطق المملكة، وهي إشكالية كبيرة أخرى تضاف لسابقتها. وقال: أعقد آمالا كبيرة على هيئتي الثقافة والترفيه اللتين أعلن عنهما أخيرا ضمن رؤية 2030، بشرط أن تلتزم بتفاصيل الرؤية، وأن تضع آلياتها بما يتناسب مع مشروع الرؤية، وطموحات المسرحيين في السعودية، وأنهما إذا ما تمكنتا من فرض وجودهما فإنه واثق بحدوث نقلة فنية مسرحية خلال خمسة أعوام، وتحقيق أهداف مهمة على طريق بناء فكر ومنجز للفنون الجميلة في المملكة.
تغيير فكر يقول سالم: إن المسرح السعودي إذا لم يكن استثمارا حقيقيا من قبل القطاعين الحكومي والخاص فإنه لن يتقدم خطوة إلى الأمام ولن تنجح أية خطة أخرى، ونحن بحاجة إلى تغيير فكر الجمهور تجاه المسرح والمناسبات الفنية، فزمن الدخول المجاني ليس في مصلحة تطوير الحركة الفنية عموما، فقد تعود هذا الجمهور على الحضور المجاني، وما نريده أن يتفهم الجمهور أن المقابل الرمزي المعقول سيكون دعما منهم للحركة الفنية بعمومها وليس المسرح فقط. كذلك قلة الدعم الذي يعانيها المسرح السعودي جعلته يراوح في مكانه، وهو أحد أسباب تدني مستواه مقارنة بدول الخليج مثلا التي قطعت أشواطا بعيدة على مستوى المسرح.
مسارح ضعيفة يؤكد سالم أن "البنية التحتية لدينا لا تؤهل إطلاقا على إظهار قدرات مسرح جيد"، وقال: مدينة كجدة مثلا التي تحتاج من وجهة نظري إلى ثلاثة مسارح، والمتوافر حاليا مسرح واحد يقع في جنوبها فهل يعقل ذلك؟ فصناعة مسرح جيد تتطلب تكامل عناصر تتمثل في مبان مجهزة، وفي أبها مسرح معقول لكنه لا يساعد كثيرا في إخراج أعمال مسرحية جيدة، فهو مسرح قديم ويحتاج إلى تأهيل وصيانة، وهو بهيئته الحالية يعتبر مسرح مناسبات احتفالية لا يناسب ما تتطلبه العروض المسرحية، ويحتاج إلى تطوير على مستوى الصوتيات والإضاءة مثلا. ومدن المملكة كلها أيضا تحتاج إلى ذلك دون استثناء.
المسرح التجاري توجه في كثير من الأوقات تهمة المسرح التجاري الذي يبحث عن المال على حساب النوعية، على العروض المقدمة حاليا، وهنا يرد سالم قائلا: قد يبدو صحيحا إلى حد ما، لكن من الظلم رؤية العمل الفني المسرحي التجاري من باب الأعمال الهابطة، والسعي الكامل خلف الربح المادي فقط، فهذا ما سوق له الإعلام للأسف، فهناك مسرح تجاري على مستوى العالم العربي والعالم بأسره يقدم أعمالا نوعية يؤديها محترفون يتقاضون أجورا، ثم إن العمل النخبوي محدود ولا يلبي ما يريده أغلب الشارع، وهذا يعني محدودية تأثير المسرح في محيطه.
عتب على المثقفين أبدى سالم عتبه على المثقفين والمهتمين بالمسرح في أبها لغيابهم عن حضور المسرحيات التي تقام في مهرجان الكوميديا. وقال: أعاتب كذلك مجلس التنمية السياحية على تقصيره وعدم دعوته لهؤلاء النخب لدعم الفعاليات.
التعليم يرفض يكشف المخرج ممدوح سالم في حديثه إلى "الوطن "عن ما وصفها ب"إشكالية" بين التعليم والثقافة في المملكة في جانب عدم استغلال مسارح الجامعات السعودية. وقال: التعليم يتحفظ على إقامة العروض المسرحية على مسارحه، ولا أعلم ما هو استنادهم في ذلك، هل هو قرار مجلس وزراء أم قرار فردي من وزير التعليم أم ماذا، فالمسألة هنا ليست واضحة؟ فمسارح الجامعات معطلة تماما ولم تستغل حتى الآن لما أنشئت من أجله، ولا أذكر أنها استضافت أعمالا مهمة منذ إنشائها.
المسرحية النسائية تبدأ عرضها اليوم أبها: الوطن يشهد مسرح المفتاحة اليوم وغدا عرضا مسرحيا خاصا للنساء والأطفال تحت اسم "ظل حيطة"، ضمن فعاليات مهرجان الكوميديا الدولي في نسخته الثانية، وذلك على مسرح المفتاحة بأبها. المسرحية من تأليف سلطان اللهيبي وإنتاج ممدوح سالم، بمشاركة عدد من نجمات السعودية والخليج والوطن العربي، وهن: وجنات الرهبيني، هيا الشعيبي، نشوى مصطفى، شيرين حطاب، مروة سالم، سارا اليوسف، ومن إخراج لورين عيسى. وتتحدث المسرحية عن قضايا اجتماعية منها العنوسة ومشاكل الخادمات.
%70 من الممارسين للكوميديا دخلاء أبها: الوطن أكد الفنان عبدالإله السناني أن 70 % من الممارسين للفن الكوميدي "دخلاء على الفن"، إضافة إلى أن نقل التجربة الأوروبية للعالم العربي يتم ب"كثير من التشويه"، مشددا على أننا بحاجة إلى التخصص في العمل الفني والكوميدي من مخرجين وكتاب وممثلين، وإلا سنبقى في هذه الدائرة المفرغة في ظل عدم وجود مؤسسة فنية تعتني بالفن وترتقي به. جاء ذلك خلال ندوة مفتوحة عن فن الكوميديا والكتابة الساخرة في العالم العربي، بفندق قصر أبها، ضمن فعاليات مهرجان الكوميديا شارك فيها إلى جانب الكاتب المسرحي محمد السحيمي الفنان أحمد بدير. من جهته، تحدث السحيمي عن العالم العربي قائلا "السخرية ليس لها مستويات محددة ولا تعتمد على جيل واحد"، مبينا أن السخرية تأتي من الأمثال الشعبية، ذاكرا أن جميع الكتاب المصريين ساخرين بامتياز دون استثناء، مستدلا بالمخاطبات بين نجيب محفوظ وطه حسين ومصطفى صادق الرافعي. فيما قال الفنان أحمد بدير إن كل الفنون تشكل وجدان المواطن في كل دولة ولا فرق بين شعب وآخر في صناعة الكوميديا، مبينا أن الأهم في الكوميديا الساخرة والكاريكاتير هو صناعة البسمة والضحك التي تجد لها صدى لدى المشاهد والمتلقي وتعتبر من أصعب الفنون، مشيرا إلى أن الفنان الكوميدي يجب أن يتمتع بالإحساس والعاطفة والمشاعر المتوهجة، وإلا بقي كوميديانا ناقصا.