مسلسل طويل رددت أخباره وكالات الأنباء، وتابعته عن كثب القنوات التلفزيونية العالمية والعربية، كان بطله رجب طيب إردوغان. بدأت فصوله في انقلاب فصيل من الجيش على الحكومة المنتخبة شرعاً. هذه الحادثة أعادت للأذهان تاريخا مليئا من الانقلابات التي كان أولها في 27 مايو 1960، وأطاحت بالرئيس التركي آنذاك، وقام بها 38 ضابطاً برئاسة الجنرال "جمال جورسيل" الذي أحال 235 جنرالاً، بينهم رئيس هيئة الأركان للتقاعد، ومن ثم تم إيقاف نشاط الحزب الديمقراطي، واعتقل رئيس الوزراء آنذاك، ورئيس البلاد "جلال بايار". ثم بدأت موجة الانقلابات العسكرية تتوالى من خلال حدوث ثلاثة انقلابات عسكرية أسهمت كثيراً في تردي الحياة الاقتصادية للدولة. وفي عام 1971 حصل انقلاب آخر سُمي باسم "انقلاب المذكرة"، وهي المذكرة العسكرية التي أرسلها الجيش بدلاً من الدبابات. ومن ثم انقلاب "كنعان إيفرين" في 12 سبتمبر 1980، والذي أصبح إيفرين بعده الرئيس السابع للجمهورية التركية. وفي عام 1997 حدث ما يسمى بالانقلاب الأبيض على حكومة "نجم الدين أربكان" وهو ما عرف بمسمى "انقلاب ما بعد الحداثة". تاريخ مليء بالانقلابات العسكرية لم يمنع قيام مجموعة "فصيل" من الجيش التركي بتكرار ما حدث في أعوام مضت. لا أعلم هل كان إردوغان يعلم أو لا يعلم كما يقال بما سوف يحدث له في تلك الليلة الحزينة في بدايتها والمفرحة له ولأتباعه في نهايتها. غابت وسائل الإعلام وقنوات التلفزة التركية عن المشهد من خلال سيطرة الانقلابيين عليها، ولكن تطبيق "فيس تايم" هو الذي كان في المشهد حاضراً من خلال تواصل إردوغان مع أنصاره، ومن ثم دعوتهم إلى النزول إلى الشارع للوقوف في وجه الدبابات وإعاقتها. وهذا ما تم بالفعل، وفشلت تلك المحاولة من أنصار فتح الله غولن المتهم الأول بالتخطيط لهذا الانقلاب الفاشل. يبدو أن هذا المسلسل لن ينتهي، وسوف تكون له هناك تبعات أخرى، بعد أن توعد إردوغان الانقلابيين بمزيد من العقاب والمحاسبة لإهانتهم للديمقراطية واستهانتهم برغبات الشعب كما ذكر. "أتراك العرب" كما يُسميهم البعض كانت احتفالاتهم وأفراحهم تملأ مواقع التواصل الاجتماعي جنباً إلى جنب مع الشعب التركي المبتهج في ميدان تقسيم. بل إن هناك من قال إن أفراحهم تزيد على أفراح الأتراك أضعافاً مضاعفة، نظراً لقيمة إردوغان لديهم كقائد إسلامي عظيم كما يرونه. لكن الشعب التركي نفسه لم يكن ينظر بتلك المبالغة بقدر ما يتمنى عدم العودة إلى مزيد من الخلافات والصراعات الداخلية والأزمات الاقتصادية التي سوف تنعكس على المواطن البسيط بالدرجة الأولى إن حدث ذلك.