لا يغادر الأوساط السياسية التركية هاجس المؤامرة الأمريكية والتخطيط للانقلاب، مستندين إلى التاريخ الانقلابي للعسكر الذين طالما مروا من أروقة وكالة الاستخبارات الأمريكية CIA، خصوصا انقلاب الجنرال كنعان إيفرين العام 1980. هذا الهاجس، تزامن مع أردأ مستوى للعلاقات الأمريكية التركية منذ بداية الأزمة السورية، هذا التوتر بدأ من رفض تركيا العام 2013 المشاركة في التحالف الدولي لضرب معاقل تنظيم داعش في العراق وسورية، وتردد تركيا في السماح للمقاتلات الأمريكية استخدام قاعدة أنجرليك التركية التي تعتبر أفضل قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط من الناحية العملياتية. حينها وثقت الولاياتالمتحدة علاقاتها بمقاتلي YPG الأمر الذي سهل لهم السيطرة على مناطق واسعة من الشمال السوري المحاذية لتركيا.. وهو الخط الأحمر بالنسبة لتركيا، أن ينتشر المقاتلون الأكراد على الحدود، فيما تعتبرهم أنقرة جماعات إرهابية. هذه التباينات السياسية الأمريكية التركية، ألقت بظلالها اليوم على الجدل السياسي التركي وبات السؤال الكبير في تركيا بعد الانقلاب الفاشل «هل مر الانقلابيون من مكتب باراك أوباما والمعروف بأوفال هاوس!؟ يرى الكاتب والباحث محمد زاهد غول، أن تأخر الولاياتالمتحدةالأمريكية في التعليق على الانقلاب بانتظار ما ستؤول إليه الأمور، إشارة واضحة على الرضا الأمريكي على هذا الانقلاب، إلا أنه من المبكر الحكم في ما إذا كانت أمريكا على علم بهذا المخطط. وكان التذبذب الأمريكي في التعامل مع الموقف مريبا، إذ وصفت السفارة الأمريكية في أنقرة بداية الانقلاب بالانتفاضة، وحين مالت الكفة لمعسكر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أصدرت بيانا يدين هذا العمل الانقلابي. فيما اعتبر المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز، أن الرد الأمريكي على الانقلابيين كان ضعيفا ولا يعبر عن حقيقة الموقف، فليس معقولا أن يكون هناك انقلاب في دولة إستراتيجية مثل تركيا ويكتفي وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالقول إننا نريد الاستقرار لتركيا. أردوغان منذ اللحظات الأولى لاستقرار الأمر وعودة الأمور إلى مجاريها، أحرج الولاياتالمتحدة بطلب تسليم فتح الله غولن المقيم في بنسلفانيا، بتهمة التخطيط للانقلاب والترويج لمفهوم الإطاحة بالحكم الديموقراطي.. فهل تستجيب الولاياتالمتحدة لهذا الطلب!؟ في يوم 12ديسمبر من العام 1980 تلقى الرئيس الأمريكي كارتر رسالة من ممثل وكالة الاستخبارت المركزية الأمريكية في أنقرة «بول هينز» تقول: «أولادنا فعلوها»، وذلك حسب ما نقله الصحفي «مهمت علي بيراند»الذي نشر تسجيلا صوتيا لمحادثة دارت بينه وبين «بول هينز» حول الانقلاب العسكري الذي عاشته تركيا في سنة 1980 والذي قاده الجنرال كنعان إيفرين للإطاحة بالائتلاف الحكومي الذي كان يشارك فيه الزعيم الإسلامي ونائب رئيس الوزراء آنذاك «نجم الدين أربكان».. فهل فعلها الأولاد في السادس من يوليو من العام 2016 .. ومر المخطط الانقلابي على مكتب باراك أوباما. و رفضت الولاياتالمتحدة الاتهامات بتورطها في محاولة الانقلاب الفاشلة التي وقعت في تركيا أمس الأول. وأبلغ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نظيره التركي مولود تشاووش أوغلو «أن الادعاءات بتورط واشنطن في الانقلاب تضر العلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي».