أبدى عدد من المهتمين بتاريخ المدينةالمنورة وكثير من أهالي طيبة تحفظهم على طريقة إعادة تنفيذ شارع تاريخي يعتبر من أشهر الأماكن التي كانت تعج بالحركة وتستقطب الزوار من كل مكان، ورأوا أن إعادة تأهيل شارع العينية التاريخي لم تكن موفقة ولم تعد إلى المكان وجهه التاريخي كما كان مخطط له. ويعتبر شارع العينية الممتد من باب السلام وحتى شارع المناخة من أبرز المعالم التاريخية التي كادت تندثر بعد حريق وقع في المكان قبل 50 عاما. ضعف المعرفة يؤكد المهندس عبدالحق العقبي، وهو أحد أعضاء الفريق الهندسي المكلف من إمارة منطقة المدينةالمنورة بالإشراف على المشروع، أن التنفيذ لم يصل حتى الحد الأدنى للمحاكاة المعمارية لشارع العينية التاريخي. وقال: كان يفترض أن نأخذ الوقت الكافي لعمل نموذج كامل (بمقياس رسم 1:1) أي طبق الأصل لأن مقاسات ونسب الأقواس على امتداد الشارع لم نجد لها مخططات ولا تسجيلا وثائقيا باستثناء عرض الشارع الموثق في مخططات المساحة المصرية 1951. وأضاف: الحاجة الملحة والعجلة في التنفيذ، خصوصا في رمضان المبارك وقلة المختصين، لم تترك للإخراج الصحيح مكانا. ويرى العقبي أن المشكلة "تكمن في ضعف المعرفة بكيفية البناء التقليدي الذي ينقله المعماري عن الحرفيين المختصين، وبالتالي اعتمدنا على الصور والمقياس التقريبي مع تطبيق المفاهيم النظرية للعمارة التقليدية أي أن التطبيق كان نظريا، وذلك يؤدي حتما إلى فقد الروح التراثية الإبداعية وإنتاج صور نمطية جافة لا تنتمي للتراث، كما أن ما حدث بسبب هدم العمران التراثي واندثار المعرفة وانقراض المهن المرتبطة بالعمارة التقليدية، وتسلط مواد البناء الحديثة، واشتراطات البناء المرتبطة بمقياس السيارة وإهمال المقياس الإنساني وتسارع الزمن وغلبة الماديات على الوجدانيات وأهمها الاستغناء عن المختصين والاكتفاء بالمهندسين الذين أنتجوا لنا عمارة لا هوية لها ولا تاريخ. وختم العقبي بالقول: هذه وجهة نظري بصفتي من فريق العمل الذي قدم تصميم المخطط العام للحي التراثي المديني، يشاركني الرأي كل معماري لديه اهتمام بالعمارة التقليدية، وكثير ممن عاصروا شارع العينية كانوا منزعجين مما حصل، وكثير ممن التقيت وتحاورت معهم كان يبدي استياءه من الشارع وهم على حق.
لا بيوت ولا رواشين تتحدث إحدى المهتمات بالعمارة التراثية، وهي رئيسة رواق أديبات المدينةالمنورة بالحي التراثي، جمال السعدي عن موضوع شارع العينية قائلة: بحسب ما سمعت من أهل المدينة القدامى أن الأرض كانت مرصوفة بالحجارة ، والشارع كان عريضا ولم يكن ضيقا كما هو الآن، وكان يحوي منازل تحوي معمارا غاية في الروعة، خصوصا تلك التي تحوي "رواشين" تطل على الشارع، وبها مقاهٍ وجلسات من المقاعد الخشبية الكبيرة العالية يسموها "كرويتات"، وكان هناك درج كبير يؤدي إلى باب السلام في المسجد النبوي الشريف، وكل ذلك لم تتم مراعاته جيدا في الشارع الحديث.
احترام الذاكرة لاحظ المهندس المعماري عبدالرحمن الصاعدي عدم مطابقة الشارع الجديد الشارع القديم منذ زيارته الأولى للمكان. وقال: أي مختص معماري بالعمارة التقليدية سيلاحظ الفروق في ذلك. وامتنع الصاعدي عن إعطاء نسبة نجاح أو فشل. لكن العم محمد الجهني (65 عاما) الذي عاصر شارع العينية في صورته التقليدية، يؤكد عدم الدقة في إعادة تأهيل المكان. ويضيف: على الجهات المعنية احترام ما تبقى في ذاكرة الناس والصور القديمة لذلك الشارع. بدورها تؤكد منى الحجيلي (زائرة دائمة للحي التراثي) أن الشارع "جاف المعنى لا ينقل لنا روح شارع العينية القديم، وأنه لا تجد فيه إبداعات، فلا إبداع في أرضية الشارع المرصوفة بالحجر الأسود، ولا يوجد دمج جيد لجذوع الأشجار التي كانت تستخدم آنذاك"، موضحة أن شارع العينية يمثل "تاريخا مهما في ذاكرة الجميع".