يشكل الحي التراثي المديني الذي دشنه الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة في حديقة الملك فهد المركزية مؤخرا, نموذجاً لأحياء المدينةالمنورة القديمة، والأحوشة التاريخية والمباني ذات النمط المعماري القديم. وتجتذب مكونات الحي التراثي أفواجاً كبيرة من الزوار خلال أيام الاجازة, حيث تعيد لهم ذكريات ماض لن يعود بكل ما يحمله من عبق تاريخي, ارتبط - إلى حد بعيد - بالمنطقة المركزية المحيطة بالمسجد النبوي الشريف حاليا. وإضافة إلى منطقة المسرح المديني الذي يقام فيه العديد من الأنشطة الثقافية والترفيهية, فإن من أبرز ما يضمه الحي التراثي, شارع العينية التجاري، الذي يحاكي شارع العينية القديم الذي كان يقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد النبوي الشريف، ويمتد من ميدان باب السلام شرقاً إلى شارع المناخة، ويضم مجموعة من المحلات التي تلبي احتياجات أبناء المنطقة. ويحتوي نموذج شارع العينية على العديد من المعروضات التراثية والمأكولات الشعبية، ومن أبرزها الكباب البلدي, والكبدة, والبليلة, واللقيمات, واليغمش والمنتو, فضلا عن حلويات المشبكة, والهريسة, واللدو. كما توجد فيه محلات خصصت للحرفيين من أصحاب المهن والحرف والصناعات اليدوية التي اشتهرت بها المدينة قديما، كالحدادين والسمكرية والنجارين والعطارين والفخاريين وحائكي البشوت، وغيرهم من أصحاب الصناعات والمهن والحرف. ويستقبل الحي التراثي المديني زائريه بمعروضاته التراثية ومأكولاته الشعبية المتميزة، ويشارك الحرفيون من أصحاب المهن والحرف والصناعات اليدوية التي اشتهرت وتميزت بها المنطقة في الماضي، وتوارثتها الأجيال. ومن ضمن المهن التي حظيت باعجاب الزوار بالحي التراثي مهنة "الكولندي" التي تعتمد على النحاس الأصلي وتصنيعه بأشكال مختلفة التي كان أهل المدينة وإلى الآن يستعملونها في حياتهم الخاصة والعامة باستخدامات عديدة من أهمها الاعراس. حيث تحتوي هذه الحرف على العديد من المصنوعات كالأباريق والكاسات والمزهريات وأطباق كبيرة لتقديم المشروبات للضيوف. حيث اعتاد بعض الأسر - من أهالي المدينة خلال شهر رمضان - على وضع "النصبة" وهي عبارة عن طاولة توضع بالمجلس المديني توضع عليها الدلال والأباريق والكاسات المعمولة من النحاس، إضافة الى الأباريق الخاصة بالوضوء لكبار السن. وتتنوع الاكلات الشعبية والمشروبات التي تشتهر بها منطقة المدينةالمنورة في أروقة الحي التراثي التي تتميز بمذاقها ويتعايش معها الزائر بعبق من الماضي وذكرياته الجميلة. يذكر أن الحي التراثي جسد معماري سعودي واقع العينية "شارع المدينة" وسوقها القديم الذي عُرف قبل أكثر من (50) عامًا بالقرب من المسجد النبوي في المدينةالمنورة، عبر تصميم معماري نقل روح الشارع بأصالته وتفاصيله إلى الحي التراثي بحديقة الملك فهد المركزية. وعمل المهندس عبدالحق العقبي في تصميمه على إعادة إظهار مكانة شارع العينية الذي كان يقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد النبوي، ويمتد من ميدان باب السلام شرقاً حتى شارع المناخة غرباً بين سوقي الشروق جنوباً وسوق القفاصة شمالاً، وتقف على جنباته متاجر وأروقة بنيت بالحجارة إلى جانب أرضيته التي يرتادها الناس لممارسة رياضة المشي. وسمي الشارع بالعينية نسبة لمزرعة كان يملكها الشيخ العيني، بينما ارتبطت شهرة الشارع بكثرة البضائع وتنوعها من أقمشة، وعطورات، وأدوات منزلية، إضافة إلى وجود المقاهي، ومحلات الحلويات التي انضمت لها - فيما بعد - المطاعم المتخصّصة بالأكلات الشعبية في المدينةالمنورة.