أثار تقدم الميليشيات الكردية السورية المهادنة لنظام الأسد، التي يشكل مقاتلو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي القوة الرئيسة فيها، باتجاه مدينة منبج، شمال سورية وسيطرتها على عدة قرى تابعة للمدينة القريبة من الحدود التركية، برضا أميركي وروسي واضح، حفيظة أنقرة التي باتت تشعر بقلق حقيقي حيال هذه التطورات. وطبقا للمراقبين السياسيين الأتراك فإن المكاسب العسكرية التي حققها الأكراد على الأرض في شمال سورية، التي وجدت ارتياحا واسعا لدى الولاياتالمتحدة والغرب بشكل عام، أثارت مخاوف أنقرة بشكل لافت، وهو ما انعكس في تصريحات المسؤولين الأتراك، فلامست تلك المكاسب الكردية على الأرض ردة فعل تركية غاضبة، عبرت عن توتر شديد بين أنقرة وحليفتها التقليدية واشنطن، وتأزم في العلاقات التركية الأوروبية. تجاهل القلق التركي تجاهلت واشنطن مظاهر القلق التركية المرتبطة باستمرار تقديم الدعم للأكراد، وقررت منحهم فرصة أوسع من خلال دعم الحملة العسكرية الجديدة على المنطقة التي يطلق عليها المسؤولون الأميركيون "جيب منبج" وهي المنفذ الوحيد الباقي لتنظيم داعش الإرهابي الذي يربطه مع تركيا والعالم الخارجي. وكان الرئيس التركي رجب إردوغان عبر عن قلقه البالغ تجاه هذا التوسع، واتهم الغرب بأنه يستبدل جماعات إرهابية باستبدال المسميات، مشيرا إلى القوات الكردية التي تتبع حزب الاتحاد الديمقراطي، الذي تعتبره تركيا الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني المتصدر قائمة الإرهاب لديها. كما اعتبر إردوغان تقدم القوات الكردية مؤخرا، شمال سورية، مشروعا خطيرا تقف وراءه أطراف تظهر صداقتها لتركيا، في إشارة إلى الدعم الذي تقدمه الولاياتالمتحدة وحلفاؤها الغربيون لحزب الاتحاد الديمقراطي. سياسة الأمر الواقع أثار دعم واشنطن وموسكو الواضح لحزب الاتحاد الديمقراطي قلق الحكومة التركية، إذ يهدف الحزب إلى تحقيق الحلم الكردي في ربط كانتون عفرين، بمناطق شمال شرق سورية، التي يملك فيها نفوذا واسعا وأعلن فيها إقامة إدارة ذاتية. وسبق أن صرح مسؤولون أتراك، على رأسهم إردوغان في أكثر من مناسبة، بأن تركيا لن تسمح للأكراد بإقامة دولة على حدودها الجنوبية، على أجزاء من سورية، في حين أن الأكراد باتوا يسيطرون على غالبية المدن والبلدات والقرى السورية الواقعة على طول الشريط الحدودي مع تركيا، بالتزامن مع ارتفاع حدة العنف داخل الأراضي التركية وتوسع الاشتباكات بين القوات الحكومية التركية وعناصر حزب العمال الكردستاني إثر انهيار عملية السلام الداخلي بعد تفجير سروج الدامي جنوب البلاد العام الماضي.