يؤكد نشطاء المجتمع المدني والمدافعون عن البيئة على الآثار السلبية الهائلة التي حلت بالبيئة الأحوازية، بعد حرف مجرى الأنهار، ونقل مياهها إلى المحافظات الفارسية، مشيرين إلى انتشار الأمراض والأوبئة في المجتمع الأحوازي، كنماذج ملموسة لهذه السياسة غير الإنسانية. ويؤكد، مدير شبكة "ميسان" للدراسات العربية والإيرانية، محمد المذحجي إلى "الوطن"، أن إحصاءات وزارة الصحة الإيرانية، تؤكد ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان في إقليم الأحواز بنسبة أكثر من 50%، أي أكثر من خمسة أضعاف منذ العقد الأخير. وبعد نشر هذا الإحصاء، أصدرت الحكومة الإيرانية مذكرة تمنع الدوائر الحكومية ووسائل الإعلام من نشر أي إحصاءات عن ضحايا السرطان والأزمة البيئية في الأحواز. الأكثر تلوثا أوضح المذحجي أن منظمة الصحة العالمية أدرجت مدينة الأحواز العاصمة على رأس قائمة المدن الأكثر تلوثا في العالم أجمع لأربع سنوات متتالية، منذ عام 2011، وحسب الدراسة التي قامت بها جامعة الأحواز الطبية، فقد أدى التلوث البيئي في الأحواز إلى تزايد الوفيات بنسبة 30% خلال السنوات العشر الماضية، وكانت أكثر من 20% من الوفيات نتيجة استنشاق الجسيمات الملوثة للهواء. وكان من الآثار الناجمة عن التلوث، ازدياد عدد المصابين بأمراض القلب والكلى، وارتفاع نسبة المواليد المشوهة، إضافة إلى ارتفاع حاد في معدلات الإجهاض بين الأمهات، وانخفاض معدل الخصوبة في الرجال والنساء. وبين المذحجي أن مهندسي المياه يبنون مستقبل الحضارات البشرية، وبدأت إيران مشروع تحويل مجرى نهر كارون، أكبر أنهار الأحواز، منذ ما يقارب 60 عاما. وصعدت طهران وتيرة تنفيذ مشاريع أخذ مياه مصبات الأنهار الأحوازية باتجاه المحافظات الفارسية، وتنقل إيران سنويا ما لا يقل عن 3 مليارات متر مكعب من مياه هذه الأنهار إلى محافظات وسط البلاد. اتفاق إيراني كوري كشف المذحجي عن مفاجأة جديدة خلال زيارة رئيسة كوريا الجنوبية، بارك جيون هي، تتعلق بتنفيذ مشاريع نقل مياه نهر كارون إلى المحافظات الفارسية، وتم الإعلان عن عقد اتفاق بين وزارة الطاقة الإيرانية وشركة "ديليم" الكورية لإجراء مشروع "بهشت آباد" وهو الأول من نوعه، إذ يقضي المشروع بنقل أكثر من مليار ومئة مليون متر مكعب سنويا من مياه نهر كارون إلى محافظة أصفهان وسط إيران، بينما عارضت منظمة حماية البيئة ومركز أبحاث مجلس النواب في إيران المشروع، مشيرة إلى أن له تداعيات سلبية كبيرة ومدمرة على البيئة، وزيادة التصحر في الأحواز، كما أن الاتفاق مع الشركة الكورية تم دون إجراء الدراسات الفنية، ودون الاعتبار للظروف البيئية. فيما تواصل الحكومة الإيرانية تنفيذ هذه المشاريع الكبيرة لتغيير مجاري الأنهار في إقليم الأحواز العربي وتجفيفها تدريجيا.