يستهدف التأثير على البيئة العربية كشفت مؤسسة الدراسات القومية الأحوازية عن أسرار الجفاف الذي ضرب منطقة شط العرب والأنهر الأحوازية في منطقة الأحواز- ذات الأغلبية العربية- الواقعة شمال غربي إيران، والتي تعرضت لعملية تجفيف غير مسبوقة، في إطار مخطط إيراني عمره 12 عاما، يستهدف التأثير على البيئة العربية ودفع المزارعين الأحواز إلى الهجرة من المنطقة، بعدما تم قطع المياه عن أراضيهم الزراعية الخصبة طيلة السنوات الخمس الماضية, ما تسبب في حدوث موجة جفاف غير مسبوق تعرضت له التربة والأنهر العربية, وهو ما أثر بالتالي على منسوب مياه شط العرب الآتي من نهر قارون, كما أثرت تلك الموجة على العراق في أسوأ كارثة تشهدها المنطقة في التاريخ المعاصر. واتهمت المؤسسة في دراستها التي أرسلت إلى "المصريون" نسخة منها، إيران بأنها دأبت منذ "احتلال الأحواز" على تجفيف مياه الأنهر الأحوازية وتلويثها متعمدة بذلك توجيه الضرر البالغ لصحة الإنسان من خلال استهداف المصدر الأول لحياة البشرية، ولم تكتف بهذا وحسب بل حاولت بشتى الطرق حرف المجرى الطبيعي لمياه الأنهر الأحوازية إلى بعض المدن الإيرانية ك "إصفهان, شهركرد, رفسنجان" وغيرها, ليدعم بذلك مشاريع زراعة الفستق والزعفران، والتي تمثل أهم مصادر الدخل للعديد من القيادات في النظام الإيراني، وترتب على ذلك حدوث جفاف في منطقة الأهوار الأحوازية. وقالت الدراسة إن إيران تعمل على حرف أكبر مجرى لمصدر الحياة في الأحواز المتمثل في نهر قارون أعظم الأنهر الأحوازية, وتأمين حاجات الأراضي الزراعية الإيرانية من ري وسقاية طوال فصول السنة على حساب الثروة المائية والأمن القومي للأحواز، فضلا عن إعلان إيران عزمها إقامة عدد من الشركات الضخمة لتعبئة المياه المعدنية على حساب الشعب الأحوازي الذي يعاني شح في المياه الصالحة للاستهلاك البشري. وكان المكتب السياسي للمنظمة الإسلامية السُنية الأحوازية أصدر في يوليو الماضي تقريرًا مصورًا هو عبارة عن نداء استغاثة عاجل للمجتمع الدولي للتحرك لإنقاذ نهر قارون من الجفاف الكلي الذي يتعرض له هو والأنهر الأخرى, محذرًا من تبعات ذلك المهددة لكافة نواحي الحياة, لكن النداء لم يلق استجابة من العالم إزاء الجفاف الذي ضرب المنطقة الشمالية للخليج العربي, كما توالت النداءات من الأحواز، والتي لاقت التجاهل ذاته.وفي الرابع من سبتمبر، اتهم العراق إيران بإحداث كارثة بيئية كبرى في شط العرب، نتيجة المشاريع الإيرانية في المنطقة، وجاء ذلك مع إعلان إيران عن وصولها للمراحل النهائية لمشروع لبناء أعلى سند أسمنتي في العالم (بارتفاع 315 متر) في منطقة الأحواز, وقد أطلقت عليه طهران مسمى "بختياري". ويقع هذا السد على حدود محافظة لرستان الجبلية على مقربة من مدينة خرم آباد الإيرانية ومدينة الصالحية الأحوازية, ويبعد هذا السد (المقام على منطقة جبلية وعرة) عن مصب شط العرب أكثر من 1200 كيلو متر، وتشكل سعته التخزينية ومكان إحداثه أضرارًا بليغة بمنسوب مياه حوض بحيرة نهر الدز الأحوازية (المنبع الشمالي الرئيسي لنهر قارون) شمالي مدينة الصالحية، كما تقول الدراسة.وقد صمم هذا السد ليتسع لتخزين خمسة مليارات متر مكعب من المياه الأحوازية التي تقطعها إيران بشكل مستمر عن مجراها الطبيعي إلى الأحواز، و تعود بداية المشروع إلى قبل أكثر من 12 عاما حيث أحيط بالسرية المطلقة، واكتفت إيران في 2003 بإعلان اسمه والمحافظة الإيرانية التي سيقام فيها السد. وكانت إيران أعلنت في عام 2005 إن إنتاج الطاقة الكهرومائية المتوقع إنتاجها من السد حوالي "1500 ميجا واط في الساعة"، لكن وبعد مسارعة طهران في عملية إتمام بناء هذا السد بعد مشاركة 16 ألف عامل إيراني وبدعم صيني مباشر، كشفت مؤسسة الدراسات القومية الأحوازية أن الطاقة الكهرومائية المستهدفة عند تشغيله تصل إلى "2317 ميجا واط في الساعة، فيما اعتبرته يأتي انطلاقًا من النظرة العسكرية العدائية ل "الاحتلال الإيراني" تجاه الأحواز والجنوب العراقي. وحذرت الدراسة من إن إقامة هذا السد الضخم سيساعد في حرف المياه عن الأحواز "المحتلة" وسيؤدي إلى تقلص نسبة المياه المتدفقة في بحيرة نهر الدز الأحوازية بنسبة 65 بالمائة، وبالتالي سيقلص منسوب نهر قارون وأفرعه إلى ما دون احتياجاته، وهو ما سيتسبب في تهديد وجود شط العرب. في المقابل، أشارت إلى أن هذا التقلص المتعمد سيسمح إلى مضاعفة وتعزيز نسبة المياه المتدفقة عبر نهر زالكي المتفرع من نهر بختياري المقام عليه السد بشكل كبير جدًا، الأمر الذي تسعى الحكومة الإيرانية من خلاله بإحداث عملية ربط نهر زالكي بمجرى صناعي إيراني جديد يربطه بنهر بازفت, ليصب الأخير في مدينة شهركرد الإيرانية (بدل الأحواز) ليؤمن بعدها الموارد المائية لكافة المناطق والمدن الإيرانية القريبة, أهمها مدينة إصفهان في حين يهدد حياة الملايين في الأحواز بإجراء إيراني متعمد. وحذرت الدراسة من تداعيات تغيير أهم مجرى طبيعي لنهر قارون ليصب في المدن الإيرانية لأول مره في التاريخ، حيث سيقطع تلقائيًا في نهاية الأمر تدفق المياه عن مجراه الطبيعي الذي يقدر عمره بآلاف السنين إلى المجرى الصناعي الإيراني, وستكون من نتائج ذلك, كوارث بيئية وصحية وأمنية في الجهة الأحوازية وتهديد لشط العرب وللأهوار الأحوازية والعراقية, مقابل ازدهار زراعي واقتصادي وصناعي إيراني، فضلا عما يشكله ذلك ورقة ضغط أمنية تهدد الأمن القومي العربي في شمالي الخليج العربي. وأشارت الدراسة أيضا إلى التداعيات العسكرية المترتبة على هذا المشروع، فقد أفادت نقلا عن تسريبات عسكرية إيرانية، إن هذا السد يكتسب أهمية عسكرية كبيرة جدًا، حيث سيكسب الحرس الثوري من خلال الطريق الذي سيقام على السد بتقلص سرعة التحرك العسكري باتجاه الأحواز القادم من محور خرم آباد ومحور شهركرد – اصفهان بنسبة 40 بالمائة، مع أنباء مؤكدة عن إنشاء سلسلة أنفاق سرية مقامة أسفل السد للوصل بين جهتي الجبال هناك لأغراض عسكرية وشبه عسكرية. كما أن إقامة هذا السد بالقرب من قمة جبل صال الأحوازي (بارتفاع 2650 متر عن سطح البحر) يشكل خطورة مضاعفة على الأحواز, ذلك إذا ما فتحته إيران لأغراضها "الإرهابية"- بحسب تعبير الدراسة- مشيرة إلى "سوابق" لها في فتح السدود كما حدث عام 1982 إبان الحرب العراقية الإيرانية، والفتح الجزئي التجريبي ربيع 2004م وما تبعه ذلك من أضرار بالغة في الجنوب الأحوازي.فضلاً عما سيجلبه ذلك من آثار مدمرة لمنطقة الخليج العربي, حيث أن المخزون الهائل لمياه هذه السدود الإيرانية يشكل خطرًا قوميًا مباشرًا وكبيرًا على الشعب الأحوازي, خاصة وأن الأحواز العاصمة لا ترتفع بشكل عام أكثر من 6 أقدام عن مستوى سطح البحر، والمدن الأحوازية الوسطى والجنوبية لا ترتفع عن مستوى سطح البحر في بعض الأحيان سوى 3 أقدام فقط, مما اعتبرته الدراسة يثير الريبة تجاه أهداف المشروع, خاصة وأن مسئولية إدارة وتشغيل كافة هذه السدود هي بيد الحرس الثوري الإيراني "الإرهابي" الذي شكل شبكة اتصال كاملة لعموم هذه السدود وربطها بغرفة عمليات إيرانية سرية. كما أن لمثل هذه المشاريع تداعيات مخاطر على مستقبل الأمن القومي للشعب العربي الأحوازي والعراقي في الصميم وقد تسبب في حدوث كوارث أمنية وبيئية وصحية , تجعل من الاستقرار في المنطقة شيئا بعيد المنال، بعد أن قطع "الاحتلال الإيراني" عن الشعب الأحوازي مصدر الحياة على كافة المستويات. وفي ضوء ذلك، قالت الدراسة إن الحياة اليوم في الأحواز باتت أقرب منها للموت التدريجي، وستشكل الأساس لمزيد من الصراعات وعدم الاستقرار بين الشعب الإيراني والشعب الأحوازي، واعتبرت أن عدم اكتفاء إيران بتقليص تدفق المياه في الأعوام العشرة الأخيرة بشكل منظم عن الأحواز بإحداث سدود كارون 3 و 4 وغيرهما في فترات قصيرة يبين نوايا طهران "الإرهابية" تجاه الأحواز وشعبها والمنطقة. ورأت الدراسة أنه من غير العدل أن تحبس إيران المياه التي وهبها الله للأحواز وشعبها بملايينه بحيث بلغت النتائج لجفاف غير مسبوق للطريق المائي الحيوي للشعبين الأحوازي والعراقي المتمثل بشط العرب بأن تحتكر المياه في منطقة جبلية إيرانية معزولة لا يزيد عدد سكانها عن مليون نسمة؟ وحذر المكتب السياسي للمنظمة الإسلامية السُنية الأحوازية بأن الصراع الأحوازي الإيراني والأزمات التي خلقتها إيران مع دول المنطقة العربية ستتفاقم نتيجة ذلك، وأن سياسة اغتصاب الحقوق بالقوة التي تنتهجها إيران لن تجر عليها غير الرد بالمثل، محذرة من كارثة إنسانية تستهدف العنصر العربي في منطقة الخليج العربي على يد ما وصفته ب "المحتل الفارسي الإيراني الغاشم", كما أن "هذا العنصر العربي لم يعد لديه الكثير ليخسره وقد أعذر من أنذر". يشار إلى أن إقليم الأحواز ظل منذ عام 637 إلى 1258م تحت حكم الخلافة الإسلامية تابعًا لولاية البصرة، إلى أيام الوقت المغولي، ثم نشأت الدولة المشعشعية العربية (1436-1724م)، واعترفت الدولتان الصفوية والعثمانية باستقلالها، ثم نشأت الدولة الكعْبية (1724-1925م) وحافظت على استقلالها كذلك. وبعد تأهيل نهر كارون وإعادة فتحه للتجارة وانشاء خطوط سكك حديدية مما جعل مدينة الأحواز مرة أخرى تصبح نقطة تقاطع تجاري، وأدى إنشاء قناة السويس في مصر لزيادة النشاط التجاري في المنطقة حيث تم بناء مدينة ساحلية قرب القرية القديمة للأحواز، وسميت ببندر الناصري تمجيدا لناصر الدين شاه قاجار، وبين عامي 1897 - 1925 حكمها الشيخ خزعل الكعبي الذي غير اسمها إلى الناصرية. وبعد عام 1920م، باتت بريطانيا تخشى من قوة الدولة الكعبية، فاتفقت مع إيران على إقصاء أَمير عربستان وضم الإقليم إلى إيران، حيث منح البريطانيون الإمارة الغنية بالنفط إلى إيران بعد اعتقال الامير خزغل على ظهر طراد بريطاني حيث أصبحت الأهواز وعاصمتها المحمرة محل نزاع إقليمي بين العراق وإيران. وأدى اكتشاف النفط في الأحواز وعلى الأخص في مدينة عبادان الواقعة على الخليج العربي مطلع القرن العشرين إلى تكالب القوى للسيطرة عليها بعد تفكك الدولة العثمانية "الرجل المريض"، وبعد ذلك عادت تسميتها القديمة الأحواز بعد سقوط الأسرة القاجارية اثر الاحتلال الروسي لإيران وتولي رضا بهلوي الحكم في إيران. ولم ينفك النزاع قائما على الأحواز بعد استقلال العراق حيث دخلت الحكومات العراقية المتلاحقة مفاوضات حول الإقليم وعقدت الاتفاقيات بهذا الصدد منها اتفاقية 1937 ومفاوضات عام 1969 واتفاقية الجزائر عام 1975 بين شاه إيران محمد رضا بهلوي ونائب الرئيس العراقي صدام حسين وقتذاك الذي ما لبث أن ألغى الاتفاقية أثناء الحرب العراقية الإيرانية بين عامي 1980 - 1988 حيث أعلن عائدية الأحواز للعراق.