تكتسب العلاقات التركية السعودية أبعادا متعددة، ويعود تاريخها لسنوات طويلة إلى الوراء، حيث تعتبر الدولتان من أكبر الدول الإسلامية، كما تتمتعان بعضوية مجموعة العشرين التي تضم أكبر 20 دولة في العالم من حيث القدرات الاقتصادية. وحرصت القيادات المتعاقبة في البلدين طيلة السنوات الماضية على تنمية تلك العلاقات وتطويرها في كل النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية. وحظيت الزيارة الرسمية التي يقوم بها حاليا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى تركيا باهتمام شديد وسط النخبة التركية التي شددت على أن الزيارة تعتبر مفصلية وينتظر أن تسهم في حل كثير من الإشكاليات، لاسيما أنها تأتي في هذا التوقيت الهام والمنعطف التاريخي الذي تمر به المنطقة، من تسارع وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واقتحامات المتشددين للمسجد الأقصى المبارك، وتزايد لاعتداءات النظام السوري على المدنيين، والحرب التي تجري في اليمن، إضافة إلى تهديدات الإرهاب الذي بات يشكل هاجسا أمنيا كبيرا بالمنطقة. توافق الرؤى قال رئيس جمعية باحثي الشرق الأوسط وأفريقيا التركية، البروفيسور زكريا قورشون: "هناك تشابه كبير يصل حد التوافق في سياسات البلدين الخارجية في الكثير من المجالات، خاصة حول التطورات التي تشهدها المنطقة، مثل الأزمة في سورية والقضية الفلسطينية والحكومة الشرعية في اليمن". وأعرب عن اعتقاده بأن زيارة الملك سلمان، قد تساهم في إعادة العلاقات بين أنقرة والقاهرة إلى طبيعتها، أو أن تكون لها انعكاسات على العلاقات في أقل تقدير. جهود سعودية حثيثة يؤكد رئيس معهد الفكر الإستراتيجي التركي، بيرول آق غون، أن تركيا دعمت العمليات التي يقوم بها التحالف العربي في اليمن، وتشارك في التحالف الإسلامي ضد الإرهاب، وأرسلت ممثلين لها إلى التحالف. وأوضح أن الملك سلمان، بذل جهودا حثيثة لتطوير علاقات الدول الإسلامية، لإيجاد جبهة تقف في وجه التدخلات الإيرانية في المنطقة، تضم المملكة وتركيا ومصر والسودان وتابع “لا يمكن تأسيس تحالف قوي في المنطقة، إلا من خلال تحرك تركيا والسعودية ومصر معا". علامة فارقة أشار الخبير في العلاقات الدولية، حسن أوزتورك، إلى أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لتركيا تعتبر نقطة تحول في علاقات البلدين، معربا عن ثقته في أن تشكل الزيارة علامة فارقة في تطور التعاون المشترك، وقال في تصريحات إلى "الوطن": "الزيارة ليست عادية بل تاريخية بكل المقاييس، وتأتي من زعيم دولة عربية كبرى لشعب محب لتركيا كما تأتي تتويجا للعلاقات الأخوية والزيارات السابقة لقادة المملكة إلى تركيا منذ الزيارة التاريخية التي قام بها الملك عبدالله - رحمه الله - إلى أنقرة في عام 2006". واستطرد "الزيارة تأتي في وقت هام للغاية، بسبب التغييرات التي تحيط بالبلدين، وتعاظم المخاطر التي تحدق بكليهما، وستسهم الزيارة في زيادة التعاون وأن يكونا يدا واحدة لتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة بأكملها". قمة الزعماء عقد خادم الحرمين الشريفين والرئيس التركي جلسة محادثات رسمية في القصر الرئاسي بأنقرة. وألقى الملك سلمان كلمة عبر فيها عن تقديره للحكومة والشعب التركيين، مؤكدا ثقته في أن المحادثات ستخرج بنتائج ترضي الطرفين. مشددا على ضرورة "التصدي للتدخلات في الشؤون الداخلية لدول المنطقة من قِبل من يحاول توسيع نفوذه دون اعتبار للأعراف والمواثيق". بدوره، أكد الرئيس التركي حرصه على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكدا أهمية التعاون الإستراتيجي بينهما. كما التقى خادم الحرمين الشريفين في مقر إقامته بأنقرة أمس، رئيس الوزراء، أحمد داود أوغلو، وتم خلال اللقاء بحث العلاقات الأخوية وأوجه التعاون الثنائي بين البلدين الشقيقين. خطط طموحة تسعى تركيا ضمن خطة وطنية لإيصال الناتج القومي إلى تريليوني دولار في 2023، بينما تطمح المملكة إلى تقليل اعتمادها الاقتصادي على عائدات النفط، بتنويع الصادرات في مجالات أخرى، وبخاصة مع أجواء التقارب السياسي الذي شهده وصول خادم الحرمين الشريفين، والرئيس إردوغان لسُدة الحكم في البلدين، كما أن الفرصة متاحة ومؤهلة للتعاون الاقتصادي في مجالات الطاقة والاستثمار. ويرى مراقبون أن تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وتنويع قاعدة التعاون الاقتصادي لتشمل أكبر تشكيلة ممكنة من القطاعات التجارية والصناعية، وتبادل المنتجات المرغوبة في كلتا السوقين، بالاستفادة من الميزات النسبية في كل دولة، ستصب في زيادة الدور الإقليمي والدولي للبلدين، لاسيما مع التغيرات التي يشهدها الإقليم. وبينما تعد تركيا مدخلا لأوروبا، فإن السعودية بلا شك هي مدخل الخليج باعتبارها أكبر بلد في محيطها والأقوى اقتصادياً. أهمية بالغة تولي أنقرة والرياض أهمية بالغة لتنمية وتشجيع رؤوس الأموال للاستثمار، مما انعكس بصورة واضحة على حجم التبادل التجاري الذي سجل نموا مطردا على مدى السنوات الماضية. وتقدم تركيا جميع التسهيلات للمستثمرين الراغبين في قطاع البتروكيماويات، الذي يمثل فرصة كبرى للشركات السعودية للدخول بقوة في هذا المجال الصناعي، إضافة إلى القطاع الفندقي والسياحي، إذ إن تركيا تعد من المناطق السياحية التي يقبل عليها السعوديون، وتتوافد إليها مئات الآلاف من الأسر بشكل سنوي. وشهدت العلاقات التجارية بين الجانبين منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973تطورا مستمرا، تم على إثره تشكيل اللجنة السعودية التركية المشتركة ومجلس رجال الأعمال السعودي التركي. عوامل جذب للمستثمرين السعوديين إزالة كافة المعوقات التي تعترض الاستثمار تشكيل لجنة لرجال الأعمال في البلدين الدعوة للاستثما ر في قناة اسطنبول فتح مجال الاستثمار الفندقي والسياحي تسهيلات تركية في مجال البتروكيماويات إقرار ملكية الأراضي والعقارات