كسر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان البروتوكولات الرسمية المتبعة عادة في استقبال الزعماء ورؤساء الدول الزائرين، وكان في مقدمة مستقبلي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في مطار ايسنبوا في العاصمة التركية أنقرة، ما يحمل رسائل سياسية، ويؤكد أهمية زيارة الملك سلمان إلى تركيا، ومن جهة أخرى يكشف تاريخية وإستراتيجية العلاقة التي تجمع السعودية وتركيا سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ويبرهن على الثقل السياسي الذي تمثله شخصية «سلمان الحزم»، ونظرة البلد المضيف إلى أبعاد الزيارة وما تكتسبه من أهمية خاصة لدى أنقرة. وعطفا على الظروف الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة خصوصا التطورات على الساحتين السورية واليمنية، تدرك تركيا أهمية الدور السعودي الفاعل في إرساء ركيزة الأمن والاستقرار في المنطقة، إلى جانب تقارب رؤية البلدين إلى حد كبير، وما تتسم به مواقف المملكة تجاه محيطها العربي والإسلامي، إضافة إلى البعد الإستراتيجي الذي تعتمد فيه الرياض على أهمية التنسيق والتشاور وتبادل الآراء في ما يخص تطوير علاقاتها مع الدول الشقيقة والصديقة، ما يصب في خدمة مصالح الأمة. ويلتقي البلدان في جهودهما المكثفة لنصرة الشعب الفلسطيني والوصول إلى تسوية عادلة للنزاع العربي الإسرائيلي، كما أن لهما دورهما الفاعل في منظمة المؤتمر الإسلامي، كما تتوحد رؤية الرياضوأنقرة في مواجهة آفة الإرهاب بصوره وأشكاله كافة، الذي سيكون واحدا من أبرز الملفات المهمة التي سيناقشها خادم الحرمين الشريفين مع الرئيس التركي. وفي المجال الاقتصادي، شهدت العلاقات السعودية التركية منذ توقيع اتفاقية التعاون التجاري والاقتصادي والفني عام 1973 تطورا مستمرا تشكلت في ضوئه اللجنة السعودية التركية المشتركة ومجلس رجال الأعمال السعودي التركي. كما يولي البلدان اهتماما كبيرا لوضع مسيرة التعاون والتبادل التجاري على طريقها الصحيح بتبني إستراتيجية طموحة من أجل توسيع قاعدة التعاون الاقتصادي. ولا شك أن تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين وتنويع قاعدة التعاون الاقتصادي سيصبان في مصلحة الدور الإقليمي والدولي للبلدين، خصوصا في ظل التغيرات التي تشهدها المنطقة.