مجموعة "نوافذ نائمة - مختارات من الشعر الفرنسي" إصدار ثان من أدبي أبها للترجمة "مهدية رابح دحماني" تسلط فيه الضوء على الخصوصية البارزة للشعر الفرنسي من عصر النهضة، لنماذج من شعراء الكوكبة، وشعراء الرمزية والرومانسية، الشعر السريالي، والقصيدة المغناة حديثا ضمن اختيار دقيق يتضمن الجوهر والمغزى والرمزية. بصراخ مؤلم يطل صوت الشاعر دوتيار في قصيدة "كم صرخت"، مناديا الموت للتخلص من حيوات ذاق فيها شكوى مؤلمة وصب فيها "العبرات والتنهيدات، الرمح المغروس الذي أرق الرمح". هذه المفردات تؤكد أن الوجع والقهر الإنساني واحد في هذه البسيطة. وتعود ثيمة الوجع والأنين ثانية في قصيدة "ارتباك" للشاعر "آن ماري لو بول"، (أتنهد دائما/ أصمت أو أئنّ/ ينتهي أجلي/، ويستمر ذات الصوت حاملا ثيمة الآلام في قصيدة" إلى النافذة ليلا، لفيكتور هيجو (لا شيء للإنسان يأخذه/ لا شيء لهُ يُمسِكُ به/ ولا شيء يحتفظ به/ يهوي ساعة تلو أخرى/ ركاما يحدِّق/ العالم الانهيار). ويتابع صوت "لو كونت دو ليزل" في قصيدة "قرن من الزمن في رماد"، إذ يقول (لتصمت يا صوت الأحياء المفجع/ صيحات الهلع/ صيحات الكراهية/ الصخب المرعب للغرق الأزلي/.. النحيب اليائس القانط). في السياق نفسه، يعبر صوت "الشاعر ألفونس لامارتين" بالعتبة الأولى -لقصيدته- التي وسمها ب"خاطرة الأموات"، مسجلا رؤية استباقية لما يجري في الكرة الأرضية المترفة بالحقد والقتل والدمار. (ريح قادمة من اللّحد.. تحصد كذلك الأحياء.. وقتئذٍ يتساقطون بالآلاف). ويعرّي الشاعر "تيوفل غويتي" في نص"صنوبر اللاند" الصورة الدموية المقيتة التي يرسمها للإنسان المُستَغِل، حيث يقول: (الإنسان الجشع.. جلّاد الخلق.. الذي يحيا على أنقاض من يغتال). ويتابع "شارل بودلير" في قصيدته "ألف سنة لا تسع ذكرياتي" رصد المكان المتخم بالجثث وكأنه يصور الحالة الجنائزية التي تعيشها البشرية اليوم على أنغام الرصاص الموجه على الصدور لاغتيال الحياة، حيث يقول: (قبوٌ فسيح يحوي كمًّا من الأموات أكثر مما تحويه المقبرة الجماعية.. أنا مقبرة يمقتها القمر.. كندم يسحب أشعارا ممتدّة تنقض دوما على أموات أعزاء). تناول الشعراء (غيوم أبولونير –لوي أراجون– بيير ريفيدي –جول سوبر فياي – روني إميل شار - فيليب سوبو - ريني شار- في "القسم السريالي" من الديوان قصائد وصفية للأمكنة والحياة والأنثى. وفي قسم الشعر الغنائي عودة إلى السياق الأول عبر قصيدة شار ازنافور "أطفال الحرب" الذي يقول: (أطفالُ الحرب ليسوا أطفالا/ ذوو الوجوه المحفورة بالجوع/ شاخو قبل الزمن).